للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمسجد، لأن الحجاج كان أميرا على الجيش الذي أرسله عبد الملك بن مروان لقتاله.

وكتب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج: أن اهدم ما زاده ابن الزبير فيها، أي يهدم البناء الذي جعله على آخر الزيادة التي أدخلها في الكعبة، وكانت قريش أخرجتها بدليل قوله وردها إلى ما كانت عليه، وسد الباب الذي فتح: أي وأن يرفع الباب الأصلي إلى ما كان عليه زمن قريش، واترك سائرها: أي لأنه اعتقد أن ابن الزبير فعل ذلك من تلقاء نفسه: فكتب الحجاج إلى عبد الملك يخبره بأن عبد الله بن الزبير وضع البناء على أسّ قد نظر إليه العدول من أهل مكة: أي وهم خمسون رجلا من وجوه الناس وأشرافهم كما تقدم. فكتب إليه عبد الملك: لسنا من تخبيط ابن الزبير في شيء، فنقض الحجاج ما أدخل من الحجر وسد الباب الثاني، أي الذي في ظهر الكعبة عند الركن اليماني، ونقص من الباب الأول خمسة أذرع: أي ورفعه إلى ما كان عليه في زمن قريش، فبنى تحته أربعة أذرع وشبرا، وبنى داخلها الدرجة الموجودة اليوم.

وفي لفظ أن الحجاج لما ظفر بابن الزبير كتب إلى عبد الملك بن مروان يخبره أن ابن الزبير زاد في الكعبة ما ليس فيها وأحدث فيها بابا آخر، واستأذن في ردّ ذلك على ما كانت عليه في الجاهلية. فكتب إليه عبد الملك أن يسد بابها الغربي ويهدم ما زاد فيها من الحجر، ففعل ذلك الحجاج، فسائرها قبل وقوع هذا الهدم بالسيل الواقع في سنة تسع وثلاثين بعد الألف، وبنيانه على بنيان ابن الزبير إلا الحجاب الذي يلي الحجر، فإنه من بنيان الحجاج: أي والبناء الذي تحت العتبة وهو أربعة أذرع وشبر، فإن باب الكعبة كان على عهد العماليق وجرهم وإبراهيم عليه الصلاة والسلام لاصقا بالأرض حتى رفعته قريش كما تقدم، وما سد به الباب الغربي والردم كان بالحجارة التي كانت داخل أرض الكعبة، أي التي وضعها عبد الله بن الزبير: أي ولعله إنما وضع في ذلك المحل الحجارة التي تصلح للبناء، فلا ينافي ما أخبرني به بعض الثقات أن بعض بيوت مكة كان فيها بعض الحجارة التي أخرجت من الكعبة زمن عبد الله بن الزبير.

ويقال إن ذلك البيت الذي كان فيه تلك الحجارة كان بيتا لعبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنه، وبناء الحجاج كان في السنة التي قتل فيها عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنه وهي سنة ثلاث وسبعين.

قيل ولما دخل عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنه وهو محاصر، حاصره الحجاج خمسة أشهر وقيل سبعة أشهر وسبع عشرة ليلة على أمه أسماء رضي الله تعالى عنهما قبل قتله بعشرة أيام وهي شاكية: أي مريضة فقال لها: كيف تجدينك يا

<<  <  ج: ص:  >  >>