وذكر أنه أتي إليه بامرأة من الخوارج، فجعل يكلمها وهي لا تنظر إليه ولا ترد عليه كلاما، فقال لها بعض أعوانه: يكلمك الأمير وأنت معرضة، فقالت: إني أستحي أن أنظر إلى من لا ينظر الله إليه، فأمر بها فقتلت. وقد أحصي الذي قتل بين يديه صبرا فبلغ مائة ألف وعشرين ألفا.
ولما عزى سيدتنا أسماء عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهم، وأمرها بالصبر قالت: وما يمنعني من الصبر وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا إلى بغيّ من بغايا بني إسرائيل، وقد جاء أن هذه البغي أول من يدخل النار.
ويقال إن عبد الله بن الزبير قال لأمه يوم قتل: يا أمه إني مقتول من يومي هذا، فلا يشتد حزنك، وسلمي الأمر لله، فإن ابنك لم يعمد لإتيان منكر ولا عمل فاحشة.
وفي كون عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما تأخر موته عن ابن الزبير نظر، فقد قيل: إن عبد الله بن عمر مات قبل ابن الزبير بثلاثة أشهر. وسبب موته أن الحجاج سفه عليه، فقال له عبد الله: إنك سفيه مسلط فغيره ذلك عليه، فأمر الحجاج شخصا أن يسمّ زجّ رمحه ويضعه على رجل عبد الله، ففعل به ذلك في الطواف، فمرض من ذلك أياما ومات.
ويذكر أن الحجاج دخل ليعوده فسأله عمن فعل به ذلك وقال له: قتلني الله إن لم أقتله، فقال له عبد الله: لست بقاتل له، قال ولم؟ قال: لأنك الذي أمرته.
وقول عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما للحجاج إنك سفيه مسلط، يشير إلى قول أبيه عمر رضي الله تعالى عنهما، فإنه لما بلغه أن أهل العراق حصبوا أميرهم: أي رجموه بالحجارة خرج غضبان فصلى فسها في صلاته، فلما سلم قال:
اللهم إنهم قد لبسوا عليّ، فألبس عليهم، وعجل عليهم بالغلام الثقفي يحكم فيهم بحكم الجاهلية، لا يقبل من محسنهم، ولا يتجاوز عن مسيئهم، وكان ذلك قبل أن يولد الحجاج.
ثم رأيت في تاريخ ابن كثير: لما مات ابن الزبير واستقر الأمر لعبد الملك بن مروان بايعه عبد الله بن عمر. ويوافقه ما في الدلائل للبيهقي أن ابن عمر وقف على ابن الزبير وهو مصلوب وقال: السلام عليك أبا خبيب، أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا، أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا، أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا، أما والله إن كنت ما علمت صواما قواما وصولا للرحم.
ويذكر أنه كان لعبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما مائة غلام لكل غلام