للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قريظة، وهم ثعلبة بن سعية وأسد بن سعية، ويقال أسيد بالتصغير وأسد بن عبيد وكانوا شبانا أحداثا، يا بني قريظة والله إنه لهو بصفته، فنزلوا وأسلموا فأحرزوا دماءهم وأموالهم وأهليهم كما سيأتي.

قال: ومن ذلك خبر العباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه قال:

خرجت في تجارة إلى اليمن في ركب فيه أبو سفيان بن حرب، فورد كتاب حنظلة بن أبي سفيان: إن محمدا قائم في أبطح مكة يقول: أنا رسول الله أدعوكم إلى الله، ففشا ذلك في مجالس أهل اليمن فجاءنا حبر من اليهود فقال: بلغني أن فيكم عم هذا الرجل الذي قال ما قال. قال العباس: فقلت نعم، قال نشدتك الله هل كان لابن أخيك صبوة؟ قلت: لا والله ولا كذب ولا خان، وما كان اسمه عند قريش إلا الأمين. قال: هل كتب بيده؟ فأردت أن أقول نعم، فخشيت من أبي سفيان أن يكذبني ويرد عليّ، فقلت: لا يكتب، فوثب الحبر وترك رداءه وقال: ذبحت يهود وقتلت يهود، قال العباس: فلما رجعنا إلى منزلنا قال أبو سفيان يا أبا الفضل إن يهود تفزع من ابن أخيك فقلت: قد رأيت لعلك أن تؤمن به، قال: لا أومن به حتى أرى الخيل في كداء: أي بالمد. قلت ما تقول: قال كلمة جاءت على فمي، إلا أني أعلم أن الله لا يترك خيلا تطلع على كداء، قال العباس: فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ونظر أبو سفيان إلى الخيل قد طلعت من كداء. قلت: يا أبا سفيان تذكر تلك الكلمة قال: إي والله إني لأذكرها انتهى.

أي ومن ذلك ما جاء عن أمية بن أبي الصلت الثقفي قال لأبي سفيان: إني لأجد في الكتب صفة نبي يبعث في بلادنا فكنت أظن أني هو، وكنت أتحدث بذلك، ثم ظهري لي أنه من بني عبد مناف، فنظرت فلم أجد فيهم من هو متصف بأخلاقه إلا عتبة بن ربيعة، إلا أنه قد جاوز الأربعين ولم يوح إليه، فعرفت أنه غيره.

قال أبو سفيان: فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم قلت لأمية، فقال أمية: أما إنه حق فاتبعه.

فقلت له: فأنت ما يمنعك قال: الحياء من نساء ثقيف، إني كنت أخبرهن أني هو، ثم أصير تبعا لفتى من بني عبد مناف، وسيأتي ذلك بأبسط مما هنا.

وأما أخبار الرهبان من النصارى، فمنها ما تقدم ذكره. قال: ومنها خبر طلحة بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال: حضرت سوق بصرى، فإذا راهب في صومعته يقول: سلوا أهل هذا الموسم هل فيكم أحد من أهل الحرم؟ فقلت نعم أنا، قال هل ظهر أحمد؟ قلت: ومن أحمد؟ قال: ابن عبد الله بن عبد المطلب، هذا شهره الذي يخرج فيه، أي الذي يبعث فيه، وهو آخر الأنبياء، مخرجه من الحرم، ومهاجره إلى نخلة وحرة وسباخ، فإياك أن تسبق إليه. قال طلحة، فوقع في قلبي ما قال الراهب، فلما قدمت مكة حدثت أبا بكر بذلك، فخرج أبو بكر حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>