للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخبره، فسر بذلك وأسلم طلحة. فأخذ نوفل بن العدوية أبا بكر وطلحة رضي الله تعالى عنهما فشدهما في حبل واحد، فلذلك سميا القرينين اهـ.

أقول: يحتمل أن هذا الراهب هو بحيرا، ويحتمل أن يكون نسطورا، لأن كلا منهما كان ببصرى كما تقدم في سفره. ويحتمل أن يكون غيرهما، وهو أولى، لما تقدم أن كلا من بحيرا ونسطورا لم يدرك البعثة والله أعلم.

أي ومنها ما حدث به سعيد بن العاص بن سعيد، قال: لما قتل أبي العاص يوم بدر كنت في حجر عمي أبان بن سعيد، وكان يكثر السب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج تاجرا إلى الشام فمكث سنة ثم قدم، فأول شيء سأل عنه قال: ما فعل محمد؟ قال له عمي عبد الله بن سعيد: هو والله أعز ما كان وأعلاه، فسكت ولم يسبه كما كان يسبه، ثم صنع طعاما وأرسل إلى سراة بني أمية أي أشرافهم، فقال لهم: إني كنت بقرية فرأيت بها راهبا يقال له بكاء لمن ينزل إلى الأرض منذ أربعين سنة: أي من صومعته، فنزل يوما، فاجتمعوا ينظرون إليه، فجئت فقلت: إن لي حاجة، فقال: ممن الرجل؟ فقلت: إني من قريش، وإن رجلا هناك خرج يزعم أن الله أرسله، قال: ما اسمه؟ فقلت محمد، قال: منذ كم خرج؟ فقلت عشرين سنة، قال: ألا أصفه لك؟ قلت بلى فوصفه، فما أخطأ في صفته شيئا، ثم قال لي: هو والله نبي هذه الأمة، والله ليظهرن، ثم دخل صومعته وقال لي اقرأ عليه السلام، وكان ذلك في زمن الحديبية: أي والحديبية سيأتي أنها كانت سنة ست فالعشرون تقريب.

أي ومنها ما حدث به حكيم بن حزام بالزاي رضي الله تعالى عنه قال: دخلنا الشام لتجارة قبل أن أسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فأرسل إلينا ملك الروم فجئناه، فقال: من أي العرب أنتم؟ من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ فقال حكيم: فقلت يجمعني وإياه الأب الخامس، فقال: هل أنتم صادقيّ فيما أسألكم عنه؟ فقلنا نعم، فقال: أنتم ممن اتبعه أم ممن رد عليه؟ فقلنا: ممن رد عليه وعاداه، فسألنا عن أشياء مما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه، ثم نهض واستنهضنا معه، فأتى محلا في قصره وأمر بفتحه، وجاء إلى ستر فأمر بكشفه فإذا صورة رجل، فقال أتعرفون من هذه صورته؟ قلنا لا، قال: هذه صورة آدم، ثم تتبع أبوابها ففتحها ويكشف عن صور الأنبياء ويقول: أما هذا صاحبكم؟ فنقول لا، فيقول لنا هذه صورة فلان، حتى فتح بابا وكشف عن صورة، فقال: أتعرفون هذا؟ قلنا نعم، هذا صورة محمد بن عبد الله صاحبنا، قال: أتدرون متى صورت هذه الصور؟ قلنا لا، قال: منذ أكثر من ألف سنة، وإن صاحبكم لنبي مرسل فاتبعوه، ولوددت أني عبده فأشرب ما يغسل من قدميه.

<<  <  ج: ص:  >  >>