للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بك، وقد حضرك من أمر الله ما ترى، فإلى من توصي بي وبم تأمرني؟ قال: يا بنيّ والله ما أعلم رجلا على مثل ما كنت عليه إلا رجلا بنصيبين وهو فلان فالحق به.

فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين، فأخبرته خبري، وما أمرني به صاحبي، فقال: أقم عندي، فأقمت عنده فوجدته على أمر صاحبيه، فأقمت مع خير رجل، فو الله ما لبث أن نزل به الموت، فلما احتضر: أي حضرته الملائكة لقبض روحه، قلت له: يا فلان إن فلانا أوصى بي إلى فلان، ثم إن فلانا أوصى بي إليك، فإلى من توصي بي وإلى من تأمرني؟ قال: يا بنيّ والله ما أعلم بقي أحد على أمرنا آمرك أن تأتيه إلا رجلا بعمورية من أرض الروم فإنه على مثل ما نحن عليه، فإن أحببت فأته. فلما مات وغيب: أي دفن لحقت بصاحب عمورية وأخبرته خبري، فقال: أقم عندي، فأقمت عند خير رجل على هدى أصحابه وأمرهم، فاكتسبت حتى كانت لي بقرات وغنيمة ثم نزل به أمر الله تعالى. فلما احتضر قلت له: يا فلان إني كنت مع فلان فأوصى بي إلى فلان، ثم أوصى بي فلان إلى فلان، ثم أوصى بي فلان إليك، فإلى من توصي بي وبم تأمرني؟ قال: أي بنيّ، والله ما أعلم أصبح ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظل: أي أقبل وقرب زمان نبي مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب، مهاجره إلى أرض بين حرتين بينهما نخل به علامات.

يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل ثم مات وغيب.

أقول: وهذا السياق يدل على أن الذين اجتمع بهم من النصارى على دين عيسى أربعة. وفي كلام السهيلي أنهم ثلاثون، وفي النور أنهم بضعة عشر، وأن هذا أظهر، والله أعلم.

قال سلمان: ثم مر بي نفر من كلب تجار، فقلت لهم: احملوني إلى أرض العرب، وأعطيكم بقراتي هذه وغنمي هذه، فقالوا نعم، فأعطيتهموها: أي أعطيتهم إياها، وحملوني معهم حتى إذا بلغوا بي وادي القرى: وهو محل من أعمال المدينة المنوّرة ظلموني، فباعوني إلى رجل يهودي. فمكثت عنده، فرأيت النخل، فرجوت أن تكون البلدة التي وصف لي صاحبي ولم يحق عندي: أي لم أتحقق ذلك. فبينا أنا عنده إذ قدم عليه ابن عمّ له من بني قريظة من المدينة، فابتاعني منه فحملني إلى المدينة. فو الله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها: أي تحققتها بصفة صاحبي، فأقمت بها.

وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقام بمكة ما أقام لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق. ثم هاجر إلى المدينة، فو الله إني لفي رأس عذق: أي نخل لسيدي أعمل له فيه بعض العمل وسيدي جالس تحتي، إذ أقبل ابن عمّ له حتى وقف عليه. فقال:

يا فلان، قاتل الله بني قيلة: أي وهم الأوس والخزرج، لأن قيلة أمهما. فقد جاء

<<  <  ج: ص:  >  >>