وجمعنا بينهما بأن الأول يكون هو المرئي لغالب الناس ولو غير حديد البصر والثاني لمن يكون حديد البصر منهم، وأما المرئي له صلى الله عليه وسلم، فقيل كان يرى أحد عشر نجما. وقيل اثني عشر نجما.
وجمعنا بينهما بحمل الأول على ما إذا لم يمعن النظر. والثاني على ما إذا أمعن النظر، وحينئذ يقتضي هذا أن تكون الخلفاء من بني العباس اثني عشر.
وعن سعيد بن جبير: سمعت ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يقول: يكون منا ثلاثة أهل البيت السفاح والمنصور والمهدي. ورواه الضحاك عن ابن عباس مرفوعا. والمهدي في هذه الرواية يحتمل أن المراد به أبو الرشيد، ويحتمل أن يكون المنتظر.
وروى أبو نعيم بسند ضعيف «أنه صلى الله عليه وسلم خرج فتلقاه العباس، فقال: ألا أسرك يا أبا الفضل؟ قال بلى يا رسول الله، قال: إن الله فتح بي هذا الأمر وبذريتك يختمه» وفي رواية «ويختمه بولدك» .
وقد أفردت ترجمة المهدي المنتظر بالتأليف في مجلد حافل سماه مؤلفه «الفواصم عن الفتن القواصم» .
وقد رويت قصة سلمان رضي الله تعالى عنه على غير هذا الوجه الذي تقدم.
فعنه قال: كان لي أخ أكبر مني، وكان يتقنع بثوبه ويصعد الجبل يفعل ذلك غير ما مرة متنكرا، فقلت له: أما إنك تفعل كذا وكذا فلم لا تذهب بي معك؟ قال: أنت غلام وأخاف أن يظهر منك شيء. قلت: لا تخف، قال: إن في هذا الجبل قوما لهم عبادة وصلاح يذكرون الله ويذكرون الآخرة ويزعمون أنا على غير دين. قلت:
فاذهب بي معك إليهم قال: حتى استأمرهم فاستأمرهم، فقالوا جيء به فذهبت معه فانتهيت إليهم فإذا هم ستة أو سبعة وكأن الروح قد خرجت منهم من العبادة يصومون النهار ويقومون الليل، يأكلون الشجر وما وجدوا فصعدنا إليهم، فحمدوا الله تعالى وأثنوا عليه، وذكروا من مضى من الرسل والأنبياء حتى خلصوا إلى عيسى ابن مريم.
قالوا: ولد بغير ذكر، وبعثه الله رسولا، وسخر له ما كان يفعل من إحياء الموتى، وخلق الطير، وإبراء الأعمى والأبرص؟ فكفر به قوم وتبعه قوم. ثم قالوا: يا غلام إن لك ربا وإن لك معادا، وإن بين ذلك جنة ونارا لهما تصير وإن هؤلاء القوم الذين يعبدون النيران أهل كفر وضلالة، لا يرضى الله بما يصنعون، وليسوا على دين، ثم انصرفنا ثم عدنا إليهم فقالوا مثل ذلك وأحسن، فلزمتهم ثم اطلع عليهم الملك فأمرهم بالخروج من بلاده، فقلت: ما أنا بمفارقكم فخرجت معهم حتى قدمنا الموصل، فلما دخلوا حفوا بهم، ثم أتاهم رجل من كهف جبل فسلم وجلس فحفوا به، فقال لهم: أين كنتم؟ فأخبروه، فقال: ما هذا الغلام معكم. فأثنوا عليّ خيرا