للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخبروه باتباعي إياهم ولم أر مثل إعظامهم له، فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر من أرسله الله من رسله وأنبيائه وما لقوا وما صنع بهم، حتى ذكر عيسى ابن مريم، ثم وعظهم. وقال: اتقوا الله والزموا ما جاء به عيسى، ولا تخالفوا يخالف بكم، ثم أراد أن يقوم. فقلت: ما أنا بمفارقك، فقال: يا غلام إنك لا تستطيع أن تكون معي، إني لا أخرج من كهفي هذا إلا كل يوم أحد. قلت: ما أنا بمفارقك فتبعته حتى دخل الكهف فما رأيته نائما ولا طاعما إلا راكعا وساجدا إلى الأحد الآخر، فلما أصبحنا خرجنا واجتمعوا إليه، فتكلم نحو المرة الأولى، ثم رجع إلى كهفه ورجعت معه، فلبثت ما شاء الله أن يخرج في كل يوم أحد ويخرجون إليه ويعظهم ويوصيهم، فخرج في أحد. فقال مثل ما كان يقول. ثم قال: يا هؤلاء إني قد كبر سني ورق عظمي وقرب أجلي، وإني لا عهد لي بهذا البيت يعني بيت المقدس منذ كذا وكذا سنة فلا بد لي من إتيانه، فقلت: ما أنا بمفارقك، فخرج وخرجت معه حتى أتيت إلى بيت المقدس فدخل وجعل يصلي وكان فيما يقول لي: يا سلمان إن الله سوف يبعث رسولا اسمه أحمد، يخرج من جبال تهامة، علامته أن يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم النبوة وهذا زمانه الذي يخرج فيه قد تقارب، فأما أنا فشيخ كبير لا أحسبني أدركه، فإن أدركته أنت فصدقه واتبعه. فقلت: وإن أمرني بترك دينك وما أنت عليه. قال: وإن أمرك، ثم خرج من بيت المقدس وعلى بابه مقعد، فقال له ناولني يدك فناوله يده فقال له قم باسم الله فقام كأنما نشط من عقال، فقال لي المقعد: يا غلام احمل علي ثيابي حتى أنطلق، فحملت عليه ثيابه، فذهب الراهب وذهبت في أثره أطلبه كلما سألت عنه، قالوا أمامك حتى لقيني ركب من كلب فسألتهم، فلما سمعوا لغتي أناخ رجل بعيره وحملني عليه، فجعلني خلفه حتى أتوا بي بلادهم فباعوني، فاشترتني امرأة من الأنصار فجعلتني في حائط لها: أي بستان، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرت به فأخذت شيئا من تمر حائطي ثم أتيته، فوجدت عنده أناسا، فوضعته بين يديه، فقال: ما هذا؟ قلت صدقة قال للقوم كلوا ولم يأكل هو، ثم لبثت ما شاء الله، ثم أخذت مثل ذلك، ثم أتيته فوجدت عنده أناسا فوضعته بين يديه، فقال: ما هذا؟ فقلت هدية، قال: بسم الله وأكل وأكل القوم فقلت في نفسي هذه من آياته. ويحتاج للجمع بين هذه الرواية وما تقدم على تقدير صحتهما.

وفي «الدر المنثور» «أن امرأة من جهينة اشترته وصار يرعى غنما لها، بينما هو يوما يرعى إذ أتاه صاحب له، فقال له: أشعرت أنه قد قدم اليوم المدينة رجل يزعم أنه نبي؟ فقال له سلمان: أقم في الغنم حتى أتيك، فهبط سلمان إلى المدينة فاشترى بدينار ببعضه شاة فشواها وببعضه خبزا ثم أتاه به، فقال، ما هذا؟ قال سلمان: هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>