للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدقة، قال لا حاجة لي بها، فأخرجها فأكلها أصحابه، ثم انطلق فاشترى بدينار آخر خبزا ولحما، فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما هذا؟ قال: هذه هدية: قال فاقعد فكل، فقعد وأكلا جميعا منها، فدرت خلفه ففطن بي فأرخى ثوبه، فإذا الخاتم في ناحية كتفه الأيسر فتبينته، ثم درت حتى جلست بين يديه، فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله» وهذه الرواية تخالف ما تقدم فليتأمل، ولينظر كيف الجمع.

ونقل بعضهم الإجماع على أن سلمان عاش مائتين وخمسين سنة، وكان حبرا عالما فاضلا زاهدا متقشفا، وكان يأخذ من بيت المال في كل سنة خمسة آلاف، وكان يتصدق بها ولا يأكل إلا من عمل يده، وكان له عباءة يفترش بعضها ويلبس بعضها.

قال بعضهم: دخلت عليه وهو أمير على المدائن، وهو يعمل الخوص، فقلت له لم تعمل هذا وأنت أمير وهو يجري عليك رزق؟ فقال: إني أحب أن آكل من عمل يدي وربما اشترى اللحم وطبخه ودعا المجذومين فأكلوا معه.

وأول مشاهده الخندق كما تقدم، قيل وشهد بدرا وأحدا قبل أن يعتق: أي وهو مكاتب، فيكون أول مشاهده الخندق بعد عتقه، والله أعلم.

وأما أخبار الكهان لا عن ألسنة الجان فكثيرة، منها ما تقدم في ليلة ولادته صلى الله عليه وسلم وفي أيام رضاعه.

قال: ومنها أيضا خبر عمرو بن معد يكرب رضي الله تعالى عنه قال: والله لقد علمت أن محمدا رسول الله قبل أن يبعث، فقيل له: وكيف ذاك؟ قال: فزعنا إلى كاهن لنا في أمر نزل بنا، فقال الكاهن: أقسم بالسماء ذات الأبراج، والأرض ذات الأدراج، والريح ذات العجاج، إن هذا لا مراج، لعله من أجيج النار وهو التهابها ولقاح ذي نتاج، قالوا وما نتاجه؟ قال: نتاجه ظهور نبي صادق، بكتاب ناطق، وحسام فالق، قالوا: وأين يظهر؟ وإلى ماذا يدعو! قال: يظهر بصلاح، ويدعو إلى فلاح، ويعطل القداح، وينهى عن الراح والسفاح، وعن كل أمر قباح، قالوا ممن هو؟ قال: من ولد الشيخ الأكرم، حافر زمزم، وعزه سرمد، وخصمه مكمد، انتهى.

ومنها خبر قس بن ساعدة الإيادي، وهو أول من قال: البينة على المدعي واليمين على من أنكر. وأول من اتكأ على عصا أو قوس أو سيف عند الخطبة.

وقيل إن أول من تكلم بأن البينة على المدعي واليمين على من أنكر داود عليه الصلاة والسلام، وأن ذلك فصل الخطاب.

وردّ بأنه لم يثبت عنه أنه تكلم بغير لغته عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: «قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أيكم يعرف القس بن ساعدة

<<  <  ج: ص:  >  >>