والذي قد ذكرت دل على ... الله نفوسا لها هدى واعتبار
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: على رسلك يا جارود، والرسل بكسر الراء: التؤدة فلست أنساه بسوق عكاظ: أي وهو سوق بين بطن نخلة والطائف، كان سوقا لثقيف وقيس عيلان كما تقدم، على جمل أورق: أي يضرب لونه إلى السواد، وهو يتكلم بكلام ما أظن أني أحفظه وفي لفظ «تكلم بكلام له حلاوة لا أحفظه الآن، فقال أبو بكر:
يا رسول الله فإني أحفظه كنت حاضرا ذلك اليوم بسوق عكاظ، فقال في خطبته: يا أيها الناس- اسمعوا وعوا، وإذا وعيتم فانتفعوا، من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، مطر ونبات، وأرزاق وأقوات، وآباء وأمهات، وأحياء وأموات جمع وأشتات، وآيات بعد آيات، إن في السماء لخبرا، وإن في الأرض لعبرا، ليل داج: أي مظلم، وسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ما لي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون أرضوا بالمقام فأقاموا أم تركوا هناك فناموا، أقسم قس قسما حاتما، لا حنثا فيه ولا آثما إن لله دينا هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه، ونبيا قد حان حينه، وأظلكم زمانه؟ فطوبى لمن آمن به فهداه، وويل لمن خالفه فعصاه، ثم قال: تبا لأرباب الغفلة من الأمم الخالية، والقرون الماضية. يا معشر إياد: هي قبيلة من اليمن- أين الآباء والأجداد؟ وأين المريض والعوّاد؟ وأين الفراعنة الشداد؟ أين من بني وشيد. وزخرف ونجد؟ أي من زين وطول، وغره المال والولد؟ أين من بغى وطغى؟ وجمع فأوعى؟ وقال أنا ربكم الأعلى؟ ألم يكونوا أكثر منكم أموالا، وأطول منكم آجالا وأبعد منكم آمالا، طحنهم التراب بكلكله: أي بصدره، ومزقهم بتطاوله، فتلك عظامهم بالية، وبيوتهم خاوية، عمرتها الذئاب العاوية، كلا بل هو الله الواحد المعبود ليس بوالد ولا مولود، ثم أنشأ يقول الأبيات المتقدمة.
أي وفي رواية: «لما قدم وفد إياد على النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا معشر وفد إياد، ما فعل قس بن ساعدة الإيادي؟ قالوا: هلك يا رسول الله، قال: لقد شهدته يوما بسوق عكاظ على جمل أحمر، يتكلم بكلام معجب موفق، لا أجدني أحفظه الآن، فقام امرؤ أعرابي من أقاصي القوم، فقال: أنا أحفظه يا رسول الله، فسرّ النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
كان يقول: يا معشر الناس اجتمعوا، فكل من مات فات، وكل شيء آت آت، ليل داج، وسماء ذات أبراج، وبحر عجاج، نجوم تزهر، وجبال مرسية، وأنهار مجرية» الحديث.