للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له الخراب وإلقاء الجيف فيه: أبشر يأتيك راكب الحمار، يعني عيسى، وبعده راكب الجمل يعني محمد صلى الله عليه وسلم، وتقدم في وصفه صلى الله عليه وسلم أنه يركب الحمار والبعير.

وقد يقال: لا مخالفة، لأنه يجوز أن يكون عيسى اختص بركوب الحمار، بخلاف محمد صلى الله عليه وسلم فإنه كان يركبهما، هذا تارة وهذا أخرى، فليتأمل:

ومن جملتهم أرمياء، قيل وهو الخضر، والله أعلم.

واسمه صلى الله عليه وسلم في الزبور حاط حاط، والفلاح الذي يمحق الله به الباطل وفارق وفاروق. أي يفرق بين الحق والباطل، وهو كما تقدم معنى فارقليط أو بارقليط، بالفاء في الأول والموحدة في الثاني.

وقيل معناه الذي يعلم الأشياء الخفية، وفي «الينبوع» ومن الألفاظ التي رضوها لأنفسهم، يعني النصارى وترجموها على اختيارهم أن المسيح عليه الصلاة والسلام قال: إني أسأل الله أن يبعث إليك بارقليط آخر يكون معكم إلى الأبد، وهو يعلمكم كل شيء، ويفسر لكم الأسرار، وهو يشهد لي كما شهدت له، ويكون خاتم النبيين، ولم يشهد له بالبراءة والصدق في النبوة بعده إلا محمد صلى الله عليه وسلم.

وقد ذكر صاحب الدرّ المنظم بإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لعمر رضي الله تعالى عنه: «يا عمر أتدري من أنا؟ أنا الذي بعثني الله في التوراة لموسى، وفي الإنجيل لعيسى، وفي الزبور لداود ولا فخر» أي لا أقول ذلك على سبيل الافتخار، بل على سبيل التحدث بالنعمة «يا عمر أتدري من أنا؟ أنا اسمي في التوراة أحيد، وفي الإنجيل البارقليط، وفي الزبور حمياطا، وفي صحف إبراهيم طاب طاب ولا فخر» .

وذكر صاحب كتاب «شفاء الصدور» في مختصره أن من فضائله صلى الله عليه وسلم ما رواه مقاتل بن سليمان قال: وجدت مكتوبا في زبور داود. إني أنا الله لا إله إلا أنا ومحمد رسولي، ووصف في مزامير داود بأنه يقوي الضعيف الذي لا ناصر له، ويرحم المساكين ويبارك عليه في كل وقت، ويدوم ذكره إلى الأبد. وبالجبار، ففيها تقلد أيها الجبار سيفك.

فإن قيل: قال الله تعالى: وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ [ق: الآية ٤٥] . أجيب بأن الأول هو الذي يجبر الخلق إلى الحق. والثاني هو المتكبر. وفيها: يا داود سيأتي من بعدك نبي اسمه أحمد ومحمد صادقا لا أغضب عليه أبدا، ولا يعصيني أبدا، وقد غفرت له قبل أن يعصيني ما تقدم من ذنبه وما تأخر: أي على فرض وقوع ذلك الذنب، والمراد به خلاف الأولى من باب: حسنات الأبرار سيئات المقربين: أي ما يعد حسنة بالنسبة لمقام الأبرار قد يعدّ سيئة بالنسبة لمقام المقربين، لعلوّ مقامهم وارتفاع شأنهم وأمته مرحومة، يأتون يوم القيامة ونورهم مثل نور الأنبياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>