وفي التوراة في صفة أمته صلى الله عليه وسلم:«دويهم في مساجدهم كدوي النحل» وفي رواية: «أصواتهم بالليل في جو السماء كأصوات النحل، رهبان بالليل، ليوث بالنهار وإذا هم أحدهم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة واحدة، وإن عملها كتبت له عشر حسنات. وإذا هم أحدهم بسيئة فلم يعملها لم تكتب، وإن عملها كتبت عليه سيئة واحدة، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويؤمنون بالكتاب الأول: أي وهو التوراة أو جنس الكتب السابقة والكتاب الآخر: أي وهو القرآن.
وروى الإمام أحمد وغيره بإسناد صحيح قال الله تعالى لعيسى: يا عيسى إني باعث من بعدك نبيا، أمته إن أصابهم ما يحبون حمدوا وشكروا وإن أصابهم ما يكرهون صبروا واحتسبوا ولا حلم ولا علم. قال: كيف يكون ذلك لهم ولا حلم ولا علم؟ قال: أعطيهم من حلمي وعلمي. وحينئذ يكون المراد ولا حلم ولا علم لهم كامل، وأن الله تعالى يكمل علمهم وحلمهم من علمه وحلمه، ويدل لذلك ما ذكره بعضهم أن هذه الأمة آخر الأمم فكان العلم والحلم الذي قسم بين الأمم كما شهد به حديث «إن الله قسم بينكم أخلاقكم» قد دق جدا فلم يدرك هذه الأمة إلا يسير من ذلك مع قصر أعمارهم فأعطاهم الله من حلمه وعلمه. وجاء أنهم مسمون في التوراة: صفوة الرحمن. وفي الإنجيل: حلماء علماء أبرار أتقياء كأنهم من الفقه أنبياء.
وفي الطبراني أن عمر قال لكعب الأحبار: كيف تجدني يعني في التوراة؟ قال خليفة قرن من حديد، أمير شديد، لا تخاف في الله لومة لائم. وزاد عن جواب السؤال قوله: ثم الخليفة من بعدك يقتله أمة ظالمون له ثم يقع البلاء بعد.
وفي صحف شعياء اسمه صلى الله عليه وسلم ركن المتواضعين. وفيها: إني باعث، نبيا أميا أفتح به آذنا صما، وقلوبا غلفا، وأعينا عميا، مولده بمكة ومهاجرته بطيبة، وملكه بالشام، رحيما بالمؤمنين، يبكي للبهيمة المثقلة، ويبكي لليتيم في حجر الأرملة، لو يمر إلى جنب السراج لم يطفئه من سكينته ولو يمشي على القضيب الرعراع يعني اليابس لم يسمع من تحت قدميه، إلى آخر الرواية فإن فيها طولا، وقد ساقها الجلال السيوطي في الخصائص الكبرى. وشعياء هذا كان بعد داود وسليمان، وقبل زكريا ويحيى عليهم الصلاة والسلام.
ولما نهي بني إسرائيل عن ظلمهم وعتوهم طلبوه ليقتلوه فهرب منهم فمر بشجرة فانفلقت له ودخل فيها وأدركه الشيطان فأخذ بهدبة ثوبه فأبرزها، فلما رأوا ذلك جاؤوا بالمنشار فوضعوه على الشجرة فنشروها ونشروه معها.
وكان من جملة الرسل الذي عناهم الله تعالى بقوله: وَقَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ [البقرة: الآية ٨٧] أي موسى بِالرُّسُلِ [البقرة: الآية ٨٧] وهم سبعة، وهو ثالث تلك الرسل السبعة: أي وهو المبشر بعيسى ومحمدا صلى الله عليه وسلم، فقال يخاطب بيت المقدس لما شكا