للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال «ثم حدثتها بالذي رأيت» : أي من سماع الصوت ورؤية جبريل، وقوله له:

يا محمد أنت رسول الله، فقالت أبشر يا ابن عمي واثبت، فو الذي نفسي بيده إني لأرجو أن تكون نبيّ هذه الأمة، ثم قامت فجمعت عليها ثيابها: أي التي تتجمل بها عند الخروج.

ثم انطلقت إلى ورقة بن نوفل فأخبرته بما أخبرها به رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى وسمع: أي رأى جبريل وسمع منه أنت رسول الله وأنا جبريل، فقال ورقة: قدوس قدوس بالضم والفتح، والذي نفسي بيده لئن كنت صدقت يا خديجة، لقد جاءه الناموس الأكبر الذي يأتي موسى الذي هو جبريل، وإنه لنبيّ هذه الأمة، فقولي له يثبت. والقدوس: الطاهر المنزه عن العيوب، وهذا يقال للتعجب، أي وجاء بدل قدوس سبوح سبوح، وما لجبريل يذكر في هذه الأرض التي تعبد فيها الأوثان، جبريل أمين الله بينه وبين رسله: أي لأن هذا الاسم لم يكن معروفا بمكة ولا غيرها من بلاد العرب، فرجعت خديجة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بقول ورقة بن نوفل، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم جواره وانصرف: أي فرغ ما تزوّده وليس المراد انقضاء جواره بانقضاء الشهر، لأن ذلك كان قبل أن يجيء إليه جبريل باقرأ باسم ربك يقظة كما تقدم. أي وذلك كان في الشهر الذي أكرمه الله فيه برسالته.

فعند ذلك صنع كما كان يصنع، بدأ بالكعبة فطاف بها، فلقيه ورقة بن نوفل وهو يطوف بالكعبة، فقال له: يا ابن أخي أخبرني بما رأيت وسمعت، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له ورقة والذي نفسي بيده إنك لنبي هذه الأمة ولقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء موسى، ولتكذبنه ولتؤذينه، ولتقاتلنه ولتخرجنه بها السكت، ولا تكون إلا ساكنة. ولئن أنا أدركت ذلك اليوم لأنصرنّ الله نصرا يعلمه، ثم أدنى ورقة رأسه صلى الله عليه وسلم منه وقبل يأفوخه، أي وسط رأسه، لأن اليأفوخ بالهمزة وسط الرأس إذا استد وقبل استداده كما في رأس الطفل يقال له الفادية بالفاء. ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزله أي ولا مانع من تكرار مراجعة ورقة فتارة قال قدوس قدوس، وتارة قال سبوح سبوح، أو جمع بين ذلك في وقت واحد. وبعض الرواة اقتصر على أحد اللفظين، وقد جاء أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه دخل على خديجة أي وليس عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت له: يا عتيق اذهب بمحمد صلى الله عليه وسلم إلى ورقة:

أي بعد أن أخبرته بما أخبرها به رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سيذكر، فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ أبو بكر بيده فقال: انطلق بنا إلى ورقة، وذهب به إلى ورقة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خلوت وحدي سمعت نداء خلفي: يا محمد يا محمد فأنطلق هاربا إلى الأرض، فقال له: لا تفعل، إذا أتاك فاثبت حتى تسمع ما يقول ثم ائتني:

أي وهذا قبل أن يراه ويجتمع به ويجيء إليه بالقرآن. وحينئذ يكون تكرر سؤال ورقة

<<  <  ج: ص:  >  >>