للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرحمن الرحيم قال مجدني عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: فوّض إليّ عبدي، وإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: هذه بيني وبين عبد ولعبدي ما سأل، فيقول عبدي: اهدنا الصراط المستقيم» إلى آخرها.

قال أبو بكر بن العربي المالكي: فانتفى بذلك أن تكون بسم الله الرحمن الرحيم آية منها من وجهين: أحدهما أنه لم يذكرها في القسمة. والثاني أنها صارت في القسمة لما كانت نصفين بل يكون ما لله فيها أكثر مما للعبد، لأن بسم الله ثناء على الله تعالى لا شيء للعبد فيه، ثم ذكر أن التعبير بالصلاة عن الفاتحة يدل على أن الفاتحة من فروضها، وأطال في ذلك، وسيأتي في الحديبية أنه صلى الله عليه وسلم كان يكتب:

باسمك اللهم موافقة للجاهلية. قيل كتب ذلك في أربعة كتب. وأول من كتبها أمية ابن أبي الصلت، فلما أنزل بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها [هود: الآية ٤١] كتب بِسْمِ اللَّهِ [الفاتحة: الآية ١] ثم لما نزل ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ [الإسراء: الآية ١١٠] كتب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ [الفاتحة: الآية ١] ثم نزلت إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣٠) [النّمل: الآية ٣٠] كتب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١) كذا نقل عن الشعبي «أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١) [الفاتحة:

الآية ١] حتى نزلت سورة النمل» وهذا يفيد أن البسملة لم تنزل قبل ذلك في شيء من أوائل السور، ويؤيده قول السهيلي: ثم كان بعد ذلك: أي بعد نزول وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [النّمل: الآية ٣٠] ينزل جبريل عليه الصلاة والسلام ببسم الله الرحمن الرحيم مع كل سورة: أي تمييزا لها عن غيرها. وقد ثبت في سواد المصحف الإجماع من الصحابة رضي الله تعالى عنهم على ذلك، هذا كلامه، فليتأمل ما فيه، فإنه قد يدل للقول بأن البسملة نزلت أول الفاتحة على ما في بعض الروايات.

ونقل أبو بكر التونسي إجماع علماء كل أمة على أن الله سبحانه وتعالى افتتح جميع كتبه ببسم الله الرحمن الرحيم.

وفي الإتقان عن الدارقطني «أن النبي صلى الله عليه وسلم: قال لبعض الصحابة لأعلمنك آية لم تنزل على نبي بعد سليمان غيري: بسم الله الرحمن الرحيم» وبهذا يعلم ما في الخصائص الصغرى أن البسملة من خصائصه صلى الله عليه وسلم. وقوله صلى الله عليه وسلم: «على نبي بعد سليمان غيري» يشكل عليه أن عيسى بين سليمان وبينه صلى الله عليه وسلم وكتابه الإنجيل وهو من جملة كتب الله المنزلة.

وعن النقاش أن البسملة لما نزلت سبحت الجبال، فقالت قريش: سحر محمدا الجبال قال السهيلي: إن صح ما ذكره فإنما سبحت الجبال خاصة لأن البسملة إنما نزلت على آل داود، وقد كانت الجبال تسبح مع داود، والله أعلم.

ثم لم يلبث ورقة أن توفي. قال سبط ابن الجوزي: وهو آخر من مات في

<<  <  ج: ص:  >  >>