للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاح أن هذا روي بسند فيه ضعف قال: ولم أر له إسنادا صحيحا.

وقد روي ما يخالفه، ولم يذكر في «الإتقان» مما نزل جملة سورة براءة، وذكر أن المعوذتين نزلتا دفعة واحدة. وحينئذ يكون المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: «إلا آية آية وحرفا حرفا» أي كلمة، والمراد بها ما قابل السورة، وإلا فقد أنزل عليه ثلاث آيات وأربع آيات وعشر آيات كما أنزل عليه آية وبعض آية. فقد صح نزول غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ [النّساء: الآية ٩٥] منفردة وهي بعض آية.

وفي الإتقان عن جابر بن زيد قال: «أوّل ما أنزل الله تعالى من القرآن بمكة اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق: الآية ١] ثم ن وَالْقَلَمِ [القلم: الآية ١] ثم يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) [المزمّل: الآية ١] ثم يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) [المدّثّر: الآية ١] ثم الفاتحة، إلى آخر ما ذكر.

ثم قال: قلت هذا السياق غريب، وفي هذا الترتيب نظر، وجابر بن زيد من علماء التابعين، هذا كلامه. وذكر بعض المفسرين أن سورة والتين أول ما نزل من القرآن، والله أعلم. وما تقدم من أن نزول يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) [المدّثّر: الآية ١] كان في شأن الإنذار بعد فترة الوحي، لأنه كان بعد نزول جبريل عليه ب اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق:

الآية ١] ، مكث مدة لا يرى جبريل.

أي وإنما كان كذلك ليذهب ما كان يجده من الرعب، وليحصل له التشوف إلى العود، ومن ثم حزن لذلك حزنا شديدا حتى غدا مرارا كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال، فكلما وافى بذروة كي يلقي نفسه منها تبدّى له جبريل عليه السلام؟

فقال: يا محمد إنك رسول الله حقا، فيسكن لذلك جأشه: أي قلبه وتقرّ نفسه ويرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا وافى ذروة جبل تبدى له مثل ذلك. قال: وفي رواية «أنه لما فتر الوحي عنه صلى الله عليه وسلم حزن حزنا شديدا حتى كان يغدو إلى ثبير مرة وإلى حراء مرة أخرى يريد أن يلقي نفسه منه، فكلما وافى ذروة جبل منهما كي يلقي نفسه تبدى له جبريل فقال: يا محمد أنت رسول الله حقا، فيسكن لذلك جأشه وتقر عينه ويرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي عاد لمثل ذلك، وكانت تلك المدة أربعين يوما، وقيل خمسة عشر يوما، وقيل اثني عشر يوما، وقيل ثلاثة أيام. قال بعضهم وهو الأشبه بحاله عند الله تعالى انتهى.

أقول: ويبعد هذا الأشبه قوله فإذا طالت عليه فترة الوحي، والله أعلم. وفي الأصل وهذه الفترة لم يذكر لها ابن إسحق مدة معينة.

أقول: في فتح الباري أن ابن إسحق جزم بأنها ثلاث سنين، والله أعلم.

قال أبو القاسم السهيلي: وقد جاء في بعض الأحاديث المسندة أن مدة هذه الفترة كانت سنتين ونصف سنة: أي وفي كلام الحافظ ابن حجر: وهذا الذي اعتمده

<<  <  ج: ص:  >  >>