الحلم كما سيأتي حكاية الإجماع عليه، كان سنة ثمان سنين، وكان عند النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يوحى إليه يطعمه ويقوم بأمره، لأن قريشا كان أصابهم قحط شديد وكان أبو طالب كثير العيال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه العباس:«إن أخاك أبا طالب كثير العيال والناس فيما ترى من الشدة، فانطلق بنا إليه فلنخفف من عياله، تأخذ واحدا وأنا واحدا فجاآ إليه وقالا: إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه، فقال لهما أبو طالب: إذا تركتما لي عقيلا قيل وطالبا فاصنعا ما شئتما، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله تعالى عنه فضمه إليه، وأخذ العباس جعفرا فضمه إليه وتركا له عقيلا وطالبا، فلم يزل عليّ مع رسول الله» .
وفي خصائص العشرة للزمخشري «أن النبي صلى الله عليه وسلم تولى تسميته بعليّ وتغذيته أياما من ريقه المبارك بمصه لسانه» فعن فاطمة بنت أسد أم عليّ رضي الله تعالى عنها أنها قالت: «لما ولدته سماه عليا وبصق في فيه، ثم إنه ألقمه لسانه، فما زال يمصه حتى نام، قالت: فلما كان من الغد طلبنا له مرضعة فلم يقبل ثدي أحد، فدعونا له محمدا صلى الله عليه وسلم فألقمه لسانه فنام، فكان كذلك ما شاء الله عز وجل» هذا كلامه فليتأمل.
وعنها رضي الله تعالى عنها أنها في الجاهلية أرادت أن تسجد لهبل وهي حامل بعليّ فتقوّس في بطنها فمنعها من ذلك. وكان عليّ رضي الله تعالى عنه أصغر إخوته، فكان بينه وبين أخيه جعفر عشر سنين، وبين جعفر وأخيه عقيل كذلك، وبين عقيل وأخيه طالب ذلك أيضا، فكل أكبر من الذي بعده بعشر سنين، فأكبرهم طالب ثم عقيل ثم جعفر ثم عليّ: أي وكلهم أسلموا إلا طالبا فإنه اختطفته الجن فذهب ولم يعلم إسلامه.
وقد جاء أنه صلى الله عليه وسلم قال لعقيل لما أسلم «يا أبا يزيد إني أحبك حبين حبا لقرابتك مني، وحبا لما كنت أعلم لحب عمي إياك» .
وكان عقيل أسرع الناس جوابا وأبلغهم في ذلك قال له معاوية يوما: أين ترى عمك أبا لهب من النار؟ فقال: إذا دخلتها يا معاوية فهو على يسارك مفترشا عمتك حمالة الحطب، والراكب خير من المركوب.
ولما وفد على معاوية وقد غضب من أخيه عليّ لما طلب منه عطاءه وقال له اصبر حتى يخرج عطاؤك مع المسلمين فأعطيك، فقال له: لأذهبنّ إلى رجل هو أوصل إليّ منك، فذهب إلى معاوية فأعطاه معاوية مائة ألف درهم، ثم قال له معاوية: اصعد المنبر فاذكر ما أولاك عليّ وما أوليتك، فصعد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إني أخبركم أني أردت عليّا على دينه فاختار دينه، وإني أردت معاوية على دينه فاختارني على دينه. وفي رواية أن معاوية قال لجماعة يوما بحضرة عقيل: هذا أبو يزيد يعني عقيلا، لولا علمه بأني خير له من أخيه لما أقام عندنا