وتركه، فقال عقيل: أخي خير لي في ديني وأنت خير لي في دنياي، وأسأل الله تعالى خاتمه الخير. توفي عقيل في خلافة معاوية.
قال: وسبب إسلام علي كرم الله تعالى وجهه «أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ومعه خديجة وهما يصليان سرا، فقال: ما هذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دين الله الذي اصطفاه لنفسه وبعث به رسله، فأدعوك إلى الله وحده لا شريك له، وإلى عبادته، وإلى الكفر باللات والعزى، فقال علي: هذا أمر لم أسمع به قبل اليوم فلست بقاض أمرا حتى أحدّث أبا طالب، وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفشي عليه سره قبل أن يستعلن أمره، فقال له: يا عليّ إذا لم تسلم فاكتم هذا، فمكث ليلته. ثم إن الله تبارك وتعالى هداه للإسلام، فأصبح غاديا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم» اهـ.
أقول: وذلك في اليوم الثاني من صلاته صلى الله عليه وسلم هو وخديجة، وهو يوم الثلاثاء كما في سيرة الدمياطي: أي لأنه تقدم أن صلاته صلى الله عليه وسلم مع خديجة كانت آخر يوم الاثنين، وهذا إنما يأتي على القول بأن النبوة والرسالة تقارنتا لا على أن الرسالة تأخرت عن النبوة، وأن بينهما فترة الوحي على ما تقدم.
وفي أسد الغابة «أن أبا طالب رأى النبي صلى الله عليه وسلم وعليا يصليان وعليّ على يمينه، فقال لجعفر رضي الله تعالى عنه: صل جناح ابن عمك، فصلى عن يساره، وكان إسلام جعفر بعد إسلام أخيه عليّ بقليل. قال بعضهم: وإنما صح إسلام علي: أي مع أنهم أجمعوا على أنه لم يكن بلغ الحلم: أي ومن ثم نقل عنه أنه قال:
سبقتكمو إلى الإسلام طرّا ... صغيرا ما بلغت أوان حلمي
أي كان عمره ثمان سنين على ما سبق، لأن الصبيان كانوا إذ ذاك مكلفين، لأن القلم إنما رفع عن الصبي عام خيبر.
وعن البيهقي أن الأحكام إنما تعلقت بالبلوغ في عام الخندق. وفي لفظ في عام الحديبية وكانت قبل ذلك منوطة بالتمييز.
هذا، وقد ذكر أنه لم يحفظ عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال شعرا. وقيل لم يقل إلا بيتين: أي ولعل أحدهما ما تقدم، ثم رأيت عن القاموس أن البيتين هما قوله:
تلكم قريش تمناني لتقتلني ... فلا وربك ما برّوا ولا ظفروا
فإن هلكت فرهن مهجتي لهمو ... بذات ودقين لا تبقي ولا تذر
وذات ودقين: هي الداهية.
وقد ذكر أن الزبير بن العوام أسلم وهو ابن ثمان سنين، وقيل ابن خمس عشرة