للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة، وقيل ابن اثنتي عشرة سنة، وقيل ابن ست عشرة سنة.

ومما يدل للأول ما جاء عن بعضهم: كان علي والزبير وطلحة وسعد بن أبي وقاص ولدوا في عام واحد.

ومن العجب أن الزمخشري في خصائص العشرة اقتصر على أن سنّ الزبير حين أسلم ست عشرة سنة، وذكر بعد ذلك بأسطر أنه أول من سلّ سيفا في سبيل الله وهو ابن اثنتي عشرة سنة مقتصرا على ذلك.

ومما يدل للأول أيضا ما جاء في كلام بعض آخر: أسلم علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وهما ابنا ثمان سنين، وإجماعهم على أن عليا لم يكن بلغ الحلم يرد القول بأن عمره كان إذ ذاك عشر سنين: أي بناء على أن سن إمكان الاحتلام تسع سنين كما تقول به أئمتنا.

ويوافقه ما حكاه بعضهم أن الراشد بالله وهو الحادي والثلاثون من خلفاء بني العباس لما كان عمره تسع سنين وطئ جارية حبشية فحملت منه، فولدت ولدا حسنا. ويرد القول بأن سنه إذ ذاك كان ثلاث عشرة أو خمس عشرة أو ست عشرة سنة.

أقول: قال بعض متأخري أصحابنا: وإنما صحت عبادة الصبي المميز ولم يصح إسلامه، لأن عبادته نفل والإسلام لا يتنفل به. وعلى هذا مع ما تقدم يشكل ما في الإمتاع: وأما علي بن أبي طالب فلم يكن مشركا بالله أبدا، لأنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في كفالته كأحد أولاده، يتبعه في جميع أموره، فلم يحتج أن يدعى للإسلام فيقال أسلم، هذا كلامه فليتأمل، فإن عليا كان تابعا لأبيه في دينه ولم يكن تابعا له صلى الله عليه وسلم كأولاده.

وقوله فلم يحتج أن يدعى للإسلام يرده ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم له: أدعوك إلى الله وحده إلى آخره.

ثم رأيت في الحديث ما يدل لما في «الإمتاع» وهو «ثلاثة ما كفروا بالله قط:

مؤمن آل يس، وعلي بن أبي طالب، ة وآسية امرأة فرعون» .

والذي في العرائس: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سباق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين: حزقيل مؤمن آل فرعون، وحبيب النجار صاحب يس، وعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم وهو أفضلهم» إلا أن يراد بعدم كفرهم أنهم لم يسجدوا لصنم. وفيه أنه قد يخالف ذلك قوله صلى الله عليه وسلم له: «وأدعوك إلى الكفر باللات والعزى» وأنه قيل أيضا إن أبا بكر لم يسجد لصنم قط.

وقد عد ابن الجوزي من رفض عبادة الأصنام الجاهلية: أي لم يأت بها: أبا

<<  <  ج: ص:  >  >>