للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن كثير: وورد عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال: أنا أول من أسلم، ولا يصح إسناد ذلك إليه. قال وقد روي في هذا المعنى أحاديث أوردها ابن عساكر كثيرة منكرة كلها لا يصح شيء منها هذا كلامه. وعلى تقدير صحتها مراده أول من أسلم من الصبيان؟ فالأولية إضافية.

ومما يؤثر عن علي رضي الله تعالى عنه: لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل، ويؤخر التوبة لطول الأمل، يحب الصالحين ولا يعمل بأعمالهم. البشاشة فخ المودة، والصبر قبر العيوب، والغالب بالظلم مغلوب، العجب ممن يدعو ويستبطئ الإجابة وقد سد طرقها بالمعاصي.

وأول من أسلم من النساء بعد خديجة رضي الله تعالى عنها أم الفضل زوج العباس، وأسماء بنت أبي بكر، وأم جميل فاطمة بنت الخطاب أخت عمر بن الخطاب.

وينبغي أن تكون أم أيمن سابقة في الإسلام على أم الفضل على ما تقدم.

وقول السراج البلقيني موافقة للزين العراقي: إن أول رجل أسلم ورقة بن نوفل، لقوله للنبي صلى الله عليه وسلم أنا أشهد أنك الذي بشر بك عيسى ابن مريم وأنك على مثل ناموس موسى، وأنك نبي مرسل قد علمت ما فيه، وأنه إنما كان من أهل الفترة كما صرح به الحافظ الذهبي، وهو يردّ القول المتقدم بأن وفاة ورقة تأخرت عن البعثة، فورقة ونحوه كبحيرا ونسطورا من أهل الفترة لا من أهل الإسلام. ويؤيده ما تقدم أنه بإجماع المسلمين لم يتقدم خديجة في الإسلام لا رجل ولا امرأة، لكن هؤلاء من القسم الذي تمسك بدين قبل نسخه وآمن وصدق بأنه صلى الله عليه وسلم الرسول المنتظر، وذلك نافع له في الآخرة. ومن ثم قال صلى الله عليه وسلم لما توفي ورقة: «لقد رأيت القس- يعني ورقة- في الجنة وعليه ثياب الحرير لأنه آمن بي وصدقني» إلى آخر ما تقدم.

وعلى تسليم أنه لا يشترط في المسلم: أن يؤمن ويصدق برسالته صلى الله عليه وسلم بعد وجودها، بل يكفي ولو قبل ذلك، فليس ورقة بصحابي لأن الصحابي من اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد الرسالة مؤمنا بما جاء به عن الله تعالى: أي محكوما بإيمانه.

ومن ثم رد الحافظ الذهبي على ابن منده أي ومن وافقه كالزين العراقي في عده له من الصحابة: أي كما عد منهم بحيرا ونسطورا بقوله: الأظهر أن من مات بعد النبوة وقبل الرسالة فهو من أهل الفترة هذا كلام الحافظ الذهبي. والمراد بالرسالة نزول يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) [المدّثر: الآية ١] لا إظهارها، ونزول قوله تعالى:

فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ [الحجر: الآية ٩٤] بناء على تأخر الرسالة عن النبوة.

وحين أسلم أبو بكر رضي الله تعالى عنه دعا إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم من وثق به من قومه. فأسلم بدعائه عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>