أي ولما أسلم عثمان رضي الله تعالى عنه أخذه عمه الحكم بن أبي العاص بن أمية والد مروان فأوثقه كتافا وقال: ترغب عن ملة آبائك إلى دين محمد؟ والله لا أحلك أبدا حتى تدع ما أنت عليه، فقال عثمان: والله لا أدعه أبدا ولا أفارقه، فلما رأى الحكم صلابته في الحق تركه، وقيل عذبه بالدخان ليرجع فما رجع.
وفي كلام ابن الجوزي أن المعذب بالدخان ليرجع عن الإسلام الزبير بن العوام هذا كلامه، ولا مانع من تعدد ذلك. وجاء «لكل نبي رفيق في الجنة، ورفيقي فيها عثمان بن عفان» .
وأسلم بدعاء أبي بكر أيضا الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه وكان عمره ثمان سنين على ما تقدم. وعبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه: أي وكان اسمه في الجاهلية عبد عمر، وقيل عبد الكعبة، وقيل عبد الحارث، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن قال: وكان أمية بن خلف لي صديقا، فقال لي يوما:
أرغبت عن اسم سماك به أبواك؟ فقلت نعم، فقال لي: إني لا أعرف الرحمن ولكن أسميك بعبد الإله، فكان يناديني بذلك.
قال: وسبب إسلام عبد الرحمن بن عوف ما حدث به قال: سافرت إلى اليمن غير مرة وكنت إذا قدمت نزلت على عسكلان بن عواكف الحميري، فكان يسألني هل ظهر فيكم رجل له نبأ له ذكر؟ هل خالف أحد منكم عليكم في دينكم؟ فأقول لا حتى كانت السنة التي بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمت اليمن فنزلت عليه إلى آخر القصة.
وعن علي رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعبد الرحمن ابن عوف: «أنت أمين في أهل الأرض أمي في أهل السماء» وجاء «أنه وصفه بالصادق الصالح البار» .
وأسلم بدعاية أبي بكر رضي الله تعالى عنه أيضا سعد بن أبي وقاص: أي فإن أبا بكر لما دعاه إلى الإسلام لم يبعد، وأتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن أمره فأخبر به فأسلم وكان عمره تسع عشرة سنة، وهو رضي الله تعالى عنه من بني زهرة، ومن ثم قال صلى الله عليه وسلم وقد أقبل عليه:«سعد خالي فليرني امرؤ خاله» .
وفي كلام السهيلي أنه عم آمنة بنت وهب أم النبي صلى الله عليه وسلم، وكرهت أمه إسلامه وكان بارا بها، فقالت له: ألست تزعم أن الله يأمرك بصلة الرحمن وبر الوالدين؟
قال: فقلت نعم، فقالت: والله لا أكلت طعاما ولا شربت شرابا حتى تكفر بما جاء به محمد: أي وتمس إسافا ونائلة، فكانوا يفتحون فاها ثم يلقون فيه الطعام والشراب، فأنزل الله تعالى وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما [العنكبوت: الآية ٨] الآية، وفي رواية أنها مكثت يوما وليلة لا تأكل، فأصبحت وقد خمدت ثم مكثت يوما وليلة لا تأكل ولا تشرب. قال سعد: فلما