للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيت ذلك قلت لها: تعلمين والله يا أمه لو كان لك مائة نفس تخرج نفسا نفسا ما تركت دين هذا النبي صلى الله عليه وسلم، فكلي إن شئت أو لا تأكلي، فلما رأت ذلك أكلت.

وفي الأنساب للبلاذري عن سعد قال: أخبرت أمي أني كنت أصلي العصر:

أي الركعتين اللتين كانوا يصلونهما بالعشي فجئت فوجدتها على بابها تصيح: ألا أعوان يعينوني عليه من عشيرتي أو عشيرته فأحبسه في بيت وأطبق عليه بابه حتى يموت أو يدع هذا الدين المحدث؟ فرجعت من حيث جئت، وقلت: لا أعود إليك ولا أقرب منزلك فهجرتها حينا، ثم أرسلت إليّ أن عد إلى منزلك ولا تتضيفن فيلزمنا عار فرجعت إلى منزلي، فمرة تلقاني بالبشر ومرة تلقاني بالشر وتعيرني بأخي عامر وتقول: هو البر لا يفارق دينه، ولا يكون تابعا، فلما أسلم عامر لقي منها ما لم يلق أحد من الصياح والأذى حتى هاجر إلى الحبشة، ولقد جئت والناس مجتمعون على أمي وعلى أخي عامر فقلت: ما شأن الناس؟ فقالوا: هذه أمك قد أخذت أخاك عامرا، وهي تعطي الله عهدا لا يظلها نخل ولا تأكل طعاما ولا تشرب شرابا حتى يدع صبأته، فقلت لها: والله يا أمه لا تستظلين ولا تأكلين ولا تشربين حتى تتبوئي مقعدك من النار.

وجاء «أنه صلى الله عليه وسلم أمر سعد بن أبي وقاص أن يأتي الحارث بن كلدة طبيب العرب ليستوصفه في مرض نزل بسعد وكان ذلك في حجة الوداع، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود عبد الرحمن بن عوف لمرض نزل به فوجد عنده الحارث، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن: إني لأرجو أن يشفيك الله حتى يضرّ بك قوم وينتفع بك آخرون، ثم قال للحارث بن كلدة عالج سعدا مما به وكان سعد بالمجلس، فقال: والله إني لأرجو شفاءه فيما ينفعه من رجله، هل معك من هذه الثمرة العجوة شيء؟ قال نعم، فخلط ذلك الثمر بحلبة ثم أوسعها سمنا ثم أحساه إياها فكأنما نشط من عقال» وهذا استدل به على إسلام الحارث بن كلدة، لأن حجة الوداع لم يحج فيها مشرك، فهو معدود من الصحابة. وأنكر بعضهم إسلامه وجعله دليلا على جواز استشارة أهل الكفر في الطب إذا كانوا من أهله.

وممن أسلم بدعاية أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أيضا طلحة بن عبد الله التيمي فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استجاب له فأسلم.

أي ولما تظاهر أبو بكر وطلحة بالإسلام أخذهما نوفل بن العدوية، وكان يدعى أسد قريش فشدهما في حبل واحد ولم يمنعهما بنو تيم، ولذلك سمي أبو بكر وطلحة القرينين ولشدة ابن العدوية وقوة شكيمته كان صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم اكفنا شر ابن العدوية» .

أقول: سبب إسلام طلحة بن عبيد الله رضي الله تعالى عنه ما تقدم أنه قال:

حضرت سوق بصرى فإذا راهب في صومعته يقول: سلوا أهل هذا الموسم هل ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>