للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أهل الحرم أحد؟ فقلت: نعم أنا، قال: هل ظهر أحمد بعد؟ قلت: ومن أحمد؟

قال: ابن عبد الله بن عبد المطلب، هذا شهره الذي يخرج فيه، وهو آخر الأنبياء، مخرجه من الحرم، ومهاجره إلى أرض ذات نخل وسباخ، فإياك أن تسبق إليه، قال طلحة: فوقع في قلبي ما قال، فخرجت سريعا حتى قدمت مكة، فقلت: هل كان من حدث؟ قالوا: نعم، محمد بن عبد الله الأمين يدعو إلى الله، وقد تبعه ابن أبي قحافة، فخرجت حتى دخلت على أبي بكر رضي الله تعالى عنه فأخبرته بما قال الراهب، فخرج أبو بكر حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك، فسر بذلك وأسلم طلحة.

وطلحة هذا هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وقد شاركه رجل آخر في اسمه واسم أبيه ونسبه، وهو طلحة بن عبيد الله التيمي، وهو الذي نزل فيه قوله تعالى:

وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ [الأحزاب: الآية ٥٣] الآية، لأنه قال لئن مات محمد رسول الله لأتزوجن عائشة. وفي لفظ يتزوّج محمد بنات عمنا ويحجبهنّ عنا، لئن مات لأتزوجن عائشة من بعده، فنزلت الآية.

قال الحافظ السيوطي: وقد كنت في وقفة شديدة من صحة هذا الخبر، لأن طلحة أحد العشرة أجلّ مقاما من أن يصدر عنه ذلك، حتى رأيت أنه رجل آخر شاركه في اسمه واسم أبيه ونسبه هذا كلامه.

والحاصل أن أبا بكر أسلم على يده خمسة من العشرة المبشرين بالجنة، وهم:

عثمان وطلحة بن عبيد الله، ويقال له طلحة الفياض، وطلحة الجود، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وزاد بعضهم سادسا، وهو أبو عبيدة ابن الجراح وكان كل من أبي بكر وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وطلحة بزازا، وكان الزبير جزارا، وكان سعد بن أبي وقاص يصنع النبل، والله أعلم، ثم دخل الناس في الإسلام أرسالا من الرجال والنساء.

وذكر في الأصل جماعة من السابقين للإسلام منهم عبد الله بن مسعود وأن سبب إسلامه ما حدث به، قال: «كنت في غنم لآل عقبة بن أبي معيط، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر بن أبي قحافة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل عندك لبن؟ فقلت نعم ولكني مؤتمن، قال: هل عندك من شاة لم ينز عليها الفحل؟ قلت نعم فأتيته بشاة شصوص لا ضرع لها فمسح النبي صلى الله عليه وسلم مكان الضرع فإذا ضرع حافل مملوء لبنا» كذا في الأصل. وفي الصحاح كما في النهاية الشصوص التي ذهب لبنها، وحينئذ يكون قول الأصل لا ضرع لها، أي لا لبن لها، ويدل لذلك قول ابن حجر الهيتمي في شرح الأربعين «فمسح ضرعها» وقول ابن مسعود فمسح مكان الضرع، أي محل اللبن «فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم بصخرة منقورة فاحتلب النبي صلى الله عليه وسلم فسقى أبا بكر وسقاني، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>