للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي ظهر لهذا العالم منك كريم: أي جامع لكل صفة كمال، وهذا على حد قولهم: لي من فلان صديق حميم، وذلك الكريم الذي ظهر وجد من أب كريم سالم من نقص الجاهلية آباؤه الشامل للأمهات جميعهم كرماء: أي سالمون من نقائص الجاهلية: أي ما يعد في الإسلام نقصا من أوصاف الجاهلية، وهذا نسب لا أجل منه، ولجلالته إذا تأملته تظن بسبب ما تحلى به من الكمالات: أي معاليها جعلت الجوزاء نجومها التي يقال لها نطاق الجوزاء قلادة لتلك المعالي، وهذه القلادة نعم هي قلادة سيادة وتمدح موصوفة بأنك في تلك القلادة الدرة اليتيمة التي لا مشابه لها المحفوظة عن الأعين لجلالتها.

لا يقال: شمول الآباء للأمهات لا يناسب قوله نسب، لأن النسب الشرعي في الآباء خاصة. لأنا نقول: المراد بالنسب ما يعم اللغوي أو قد يقال سلامة آبائه من النقائص إنما هو من حيث أبيه: أي كونه متفرعا عنه، وذلك يستلزم أن تكون أمهاته كذلك، وسيأتي «لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات» وسيأتي الكلام على ذلك مستوفى.

وقد قال الماوردي في كتاب «أعلام النبوة» : وإذا اختبرت حال نسبه صلى الله عليه وسلم وعرفت طهارة مولده صلى الله عليه وسلم علمت أنه سلالة آباء كرام ليس فيهم مسترذل، بل كلهم سادة قادة، وشرف النسب وطهارة المولد من شروط النبوة، هذا كلامه ومن كلام عمه أبي طالب:

إذا اجتمعت يوما قريش لمفخر ... فعبد مناف سرها وصميمها

وإن حصلت أنساب عبد منافها ... ففي هاشم أشرافها وقديمها

وإن فخرت يوما فإن محمدا ... هو المصطفى من سرها وكريمها

بالرفع عطفا على المصطفى، وسر القوم: وسطهم، فأشرف القوم قومه، وأشرف القبائل قبيلته، وأشرف الأفخاذ فخذه.

وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحب العرب فبحبي أحبهم، ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم» .

وعن سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا سلمان لا تبغضني فتفارق دينك، قلت يا رسول الله كيف أبغضك وبك هداني الله تعالى؟ قال: تبغض العرب فتبغضني» .

وعن علي رضي الله تعالى عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يبغض العرب إلا منافق» .

وفي الترمذي عن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>