قال:«من غش العرب لم يدخل في شفاعتي ولم تنله مودتي» قال الترمذي: هذا حديث غريب، وقال صلى الله عليه وسلم «ألا من أحب العرب فبحبي أحبهم، ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم» وقال صلى الله عليه وسلم: «أحبوا العرب لثلاث: لأني عربي، والقرآن عربي، وكلام أهل الجنة عربي» وقال صلى الله عليه وسلم: «إن لواء الحمد يوم القيامة بيدي وإن أقرب الخلق من لوائي يومئذ العرب» وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا ذلت العرب ذل الإسلام» وفي كلام فقهائنا: العرب أولى الأمم، لأنهم المخاطبون أولا والدين عربي.
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما «خير العرب مضر، وخير مضر عبد مناف، وخير بني عبد مناف بنو هاشم، وخير بني هاشم بنو عبد المطلب، والله ما افترق فرقتان منذ خلق الله تعالى آدم إلا كنت في خيرهما» .
أقول: وفي لفظ آخر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله حين خلقني جعلني من خير خلقه، ثم حين خلق القبائل جعلني من خيرهم قبيلة، وحين خلق الأنفس جعلني من خير أنفسهم، ثم حين خلق البيوت جعلني من خير بيوتهم، فأنا خيرهم بيتا وأنا خيرهم نسبا» وفي لفظ آخر عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله قسم الخلق قسمين، فجعلني في خيرهم قسما، ثم جعل القسمين أثلاثا فجعلني في خيرها ثلثا، ثم جعل الثلث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة، ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني في خيرها بيتا» وتقدم عن الشفاء مثل ذلك مع زيادة الاستدلال بالآيات، وتقدم الأمر بالتأمل في ذلك، والله أعلم. وفيه أنه ورد النهي في الأحاديث الكثيرة عن الانتساب إلى الآباء في الجاهلية على سبيل الافتخار، من ذلك «لا تفتخروا بآبائكم الذين ماتوا في الجاهلية، فو الذي نفسي بيده ما يدحرج الجعل بأنفه خير من آبائكم الذين ماتوا في الجاهلية» أي والذي يدحرجه الجعل هو النتن. وجاء في الحديث «ليدعن الناس فخرهم في الجاهلية. أو ليكونن أبغض إلى الله تعالى من الخنافس» وجاء «آفة الحسب الفخر» أي عاهة الشرف بالآباء التعاظم بذلك.
وأجاب الإمام الحليمي بأنه صلى الله عليه وسلم لم يرد بذلك الفخر، إنما أراد تعريف منازل أولئك ومراتبهم: أي ومن ثم جاء في بعض الروايات قوله ولا فخر: أي فهو من التعريف بما يجب اعتقاده وإن لزم منه الفخر، وهو إشارة إلى نعمة الله تعالى عليه، فهو من التحدث بالنعمة وإن لزم من ذلك الفخر أيضا. وعن ابن عباس رضي الله عنهما «في قوله تعالى: وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (٢١٩)[الشعراء: الآية ٢١٩] قال: من نبي إلى نبي حتى أخرجت نبيا» أي وجدت الأنبياء في آبائه فسيأتي «أنه قذف بي في صلب آدم، ثم في صلب نوح، ثم في صلب إبراهيم عليهما الصلاة والسلام» بدليل ما يأتي فيه.
وفي لفظ آخر عنه «ما زال النبي صلى الله عليه وسلم يتقلب في أصلاب الأنبياء» أي المذكورين أو غيرهم