معرفة سابقة، فلما وضعته عند إبله نظر إليّ ودعا لي، ثم عدنا إلى بلادنا وتطاولت المدة، ففي ليلة ونحن جلوس في ضيعتنا هذه في ليلة مقمرة ليلة البدر والبدر في كبد السماء، إذ نظرنا إليه قد انشق نصفين، فغرب نصف في المشرق ونصف في المغرب وأظلم الليل ساعة، ثم طلع النصف من المشرق والثاني من المغرب إلى أن التقيا في وسط السماء كما كان أول مرة، فتعجبنا من ذلك غاية العجب، ولم نعرف لذلك سببا، فسألنا الركبان عن سببه فأخبرونا أن رجلا هاشميا ظهر بمكة وادعى أنه رسول الله إلى كافة العالم وأن أهل مكة سألوه معجزة، واقترحوا عليه أن يأمر لهم القمر فينشق في السماء ويغرب نصفه في المشرق ونصفه في المغرب، ثم يعود إلى ما كان عليه، ففعل لهم ذلك، فاشتقت إلى رؤياه، فذهبت إلى مكة وسألت عنه فدلوني على موضعه، وأتيت إلى منزله، واستأذنت فأذن لي في الدخول فدخلت عليه، فلما سلمت عليه نظر إليّ وتبسم وقال: ادن مني وبين يديه طبق فيه رطب، فتقدمت وجلست وأكلت من الرطب، وصار يناولني، إلى أن ناولني ست رطبات، ثم نظر إليّ وتبسم وقال لي: ألم تعرفني؟ قلت لا، فقال: ألم تحملني في عام كذا في السيل؟ ثم قال: أمدد يدك فصافحني وقال: قل أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، فقلت ذلك، فسرّ أي وقال عند خروجي من عنده بارك الله في عمرك، قال ذلك ست مرات، فبارك الله لي في عمري بكل دعوة مائة سنة، فعمري اليوم ستمائة سنة: أي في المائدة السادسة مشرف على تمامها تأمل.
وسئل الحافظ السيوطي عن مثل هذا الحديث، وهو الحديث الذي رواه معمر، الذي يزعم أنه صحابي، وأنه يوم الخندق صار ينقل التراب بغلقين: وبقية الصحابة بغلق واحد، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفه الشريف بين كتفيه أربع ضربات، وقال له:
عمرك الله يا معمر، فعاش بعد ذلك أربعمائة سنة ببركة الضربات التي ضربها بين كتفيه كل ضربة مائة سنة، وقال له بعد أن صافحه: من صافحك إلى ست أو سبع لم تسمه النار، هل هو صحيح أم هو كذب وافتراء لا تجوز روايته؟ فأجاب بأنه باطل وأن معمرا هذا كذاب دجال، لأنه ثبت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال قبل موته بشهر «أرأيتكم ليلتكم هذه، فإن على رأس مائة سنة لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد» وقد قال أهل الحديث وغيرهم: إن من ادعى الصحبة بعد مائة سنة من وفاته صلى الله عليه وسلم فهو كذاب، ومعلوم أن آخر الصحابة مطلقا موتا أبو الطفيل، مات سنة عشرة ومائة من الهجرة ثبت ذلك في صحيح مسلم» واتفق عليه العلماء، فمن ادعى الصحبة بعد أبي الطفيل فهو كذاب.
ومما سألوه صلى الله عليه وسلم من الآيات المعينات ما حدث به بعضهم، قال: «إن قريشا قالت له صلى الله عليه وسلم: سل ربك يسير عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا، ويبسط لنا