للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جبريل حتى سؤت ظنا» وفي لفظ «ما منعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا؟ فقال له جبريل وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (٦٤) [مريم: الآية ٦٤] أي لا ننتقل من مكان إلى مكان، ولا ننزل في زمان دون زمان إلا بأمره ومشيئته على مقتضى حكمته، وما كان ربك تاركا لك كما زعم الكفار، بل كان ذلك لحكمة رآها.

وأما حديث الزبيدي، فقد حدث بعضهم الزبيدي، فقد حدث بعضهم قال:

«بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد ومن معه من الصحابة إذا رجل من زبيد يطوف على حلق قريش حلقة بعد أخرى وهو يقول: يا معشر قريش كيف تدخل عليكم المارة أو يجلب إليكم جلب، أو يحل بضم الحاء أي ينزل بساحتكم تاجر وأنتم تظلمون من دخل عليكم في حرمكم؟ حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه، فقال له صلى الله عليه وسلم: ومن ظلمك؟ فذكر أنه قدم بثلاثة أجمال خيرة إبله أي أحسنها فسامه بها أبو جهل ثلث أثمانها، ثم لم يسمه بها لأجله سائم، قال: فأكسد عليّ سلعتي فظلمني، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأين جمالك؟ قلا: هذه هي بالحزورة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام أصحابه فنظروا إلى الجمال فرأى جمالا حسنا، فساوم ذلك الرجل حتى ألحقه برضاه، وأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فباع جملين منها بالثمن، وأفضل بعيرا باعه وأعطى أرامل بني عبد المطلب ثمنه، وكل ذلك وأبو جهل جالس في ناحية من السوق ولم يتكلم، ثم أقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له:

إياك يا عمرو أن تعود لمثل ما صنعت بهذا الرجل فترى مني ما تكره، فجعل يقول:

لا أعود يا محمد لا أعود يا محمد، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل على أبي جهل أمية بن خلف ومن معه من القوم، فقالوا له: ذللت في يد محمد، فإما أن تكون تريد أن تتبعه، وإما رعب دخلك منه، فقال لهم: لا أتبعه أبدا، إن الذي رأيتم مني لما رأيته، رأيت معه رجالا عن يمينه ورجالا عن شماله معهم رماح يشرعونها إليّ، لو خالفته لكانت إياها أي لأتوا على نفسي» .

ونظير ذلك «أن أبا جهل كان وصيا على يتيم فأكل ماله وطرده، فاستغاث اليتيم بالنبي صلى الله عليه وسلم على أبي جهل، فمشى معه إليه ورد عليه ماله، فقيل له في ذلك فقال:

خفت من حربة عن يمينه وحربة عن شماله لو امتنعت أن أعطيه لطعنني» .

وأما حديث المستهزئين. فمما استهزئ به على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حدث به بعضهم «أن أبا جهل بن هشام ابتاع من شخص يقال له الإراشي بكسر الهمزة نسبة إلى إراشة بطن من خثعم أجمالا فمطله بأثمانها، فدلته قريش على النبي صلى الله عليه وسلم لينصفه من أبي جهل استهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم، لعلمهم بأنه لا قدرة له على أبي جهل: أي بعد أن وقف على ناديهم فقال: يا معشر قريش من رجل يعينني على أبي الحكم بن

<<  <  ج: ص:  >  >>