وفي زيادة الجامع الصغير «أتاني جبريل فقال لي: إني كنت أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت عليك البيت الذي كنت فيه إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فأمر صلى الله عليه وسلم برأس التمثال الذي في البيت فليقطع فيصير كهيئة الشجرة، وأمر بالستر فليقطع فيجعل منه وسادتين منبوذتين توطآن، وأمر بالكلب فأخرج» ومعلوم أن مجيء جبريل له صلى الله عليه وسلم إكرام وتشريف له صلى الله عليه وسلم، فلا ينافي ما تقدم فليتأمل.
ولما نزلت السورة المذكورة كبر صلى الله عليه وسلم فرحا بنزول الوحي، واستمر صلى الله عليه وسلم لا يجاهر قومه بالدعوة حتى نزل وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (١١)[الضّحى: الآية ١١] فعند ذلك كبر صلى الله عليه وسلم أيضا، وكان ذلك سببا للتكبير في افتتاح السورة التي بعدها وفي ختمها إلى آخر القرآن.
وعن أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه «أنه قرأ كذلك على النبي صلى الله عليه وسلم بعد أمره له بذلك، وأنه كان كلما ختم سورة وقف وقفة ثم قال: الله أكبر» .
هذا، وقيل ابتداء التكبير من أول ألم نشرح لا من أول والضحى. وقيل إن التكبير إنما هو لآخر السورة، وابتداؤه من آخر سورة الضحى إلى آخر قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١)[النّاس: الآية ١] والإتيان بالتكبير في الأول والآخر جمع بين الروايتين والرواية التي جاءت بأنه كبر في أول السورة المذكورة والرواية الأخرى أنه كبر في آخرها.
ومما يدل على أن التكبير أول سورة الضحى، ما جاء عن عكرمة بن سليمان قال: «قرأت على إسمعيل بن عبد ربه، فلما بلغت الضحى قال: كبر، فإني قرأت على عبد الله بن كثير أحد القراء السبعة، فلما بلغت وَالضُّحى (١)[الضّحى: الآية ١] قال لي: كبر حتى تختم. وأخبرني ابن كثير أنه قرأ على مجاهد، فأمره بذلك، وأخبره أن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أمره بذلك وأخبره ابن عباس أن أبيّ بن كعب أمره بذلك، وأخبره أبيّ أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بذلك» قال بعضهم: حديث غريب.
ونقل عن إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه أنه قال لآخر: إذا تركت التكبير:
أي من الضحى إلى الحمد في الصلاة وخارجها فقد تركت سنة من سنن نبيك صلى الله عليه وسلم، لكن في كلام الحافظ ابن كثير: ولم يرد ذلك أي التكبير عند نزول سورة الضحى بإسناد يحكم عليه بصحة ولا ضعف.
وقد ذكر الشيخ أبو المواهب الشاذلي رضي الله تعالى عنه عن شيخه أبي عثمان أنه قال: إنما نزلت سورة أَلَمْ نَشْرَحْ [الشّرح: الآية ١] عقب قوله: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (١١)[الضّحى: الآية ١١] إشارة إلى أن من حدث بنعمة الله فقد شرح الله صدره قال: كأنه تعالى يقول إذا حدثت بنعمتي ونشرتها بين عبادي فقد شرحت صدرك.
وعن ابن إسحق: ذكر لي «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل: لقد احتبست عني يا