للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصار يقول: ها هو ذا طعن بالشوك في عيني، فيقال له ما نرى شيئا، وقيل أتى شجرة فجعل ينطح رأسه بها حتى خرجت عيناه» أي وفعل ذلك لا ينافي ما ورد «فأشار أي جبريل إلى وجهه فعمي بصره في الحال» لجواز أن يراد بالحال الزمن القريب، وفي رواية: أنه كان يقول «دعا عليّ محمد بالعمى فاستجيب له، ودعوت عليه بأن يكون طريدا شريدا فاستجيب لي» وسيأتي عن بعضهم في غزوة بدر «أنه صلى الله عليه وسلم دعا على الأسود بن المطلب بالعمي وفقد أولاده، فجعل له العمى وفقد أولاده ببدر. وأما الوليد بن المغيرة فمر بشخص يعمل النبل فتعلق بثوبه سهم فلم ينقلب لينحيه تعاظما، فعدا فأصاب السهم عرقا في ساقه فقطعه فمات. وأما العاص بن وائل، فدخلت شوكة في أخمصه فانتفخت رجله حتى صارت كالرحا ومات» وإلى الخمسة الذين ذكرنا أنهم المرادون بقوله تعالى: إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥) [الحجر:

الآية ٩٥] أشار صاحب الهمزية بقوله:

وكفاه المستهزئين وكم سا ... ء نبيا من قومه استهزاء

خمسة كلهم أصيبوا بداء ... والردى من جنوده الأدواء

فدهي الأسود بن مطلب ... أيّ عمي ميت به الأحياء

ودهي الأسود بن عبد يغوث ... أن سقاه كأس الرد استسقاء

وأصاب الوليد خدشة سهم ... قصرت عنها الحية الرقطاء

وقضت شوكة على مهجة العا ... ص فلله النقعة الشوكاء

وعلى الحارث القيوح وقد سا ... ل بها رأسه وسال الوعاء

خمسة طهرت بقطعهم الأر ... ض فكف الأذى بهم شلاء

أي وكفى الله رسوله صلى الله عليه وسلم المستهزئين به، ومرات كثيرة أحزن نبينا صلى الله عليه وسلم كغيره من الأنبياء استهزاء قومه به، وهؤلاء المستهزئون به صلى الله عليه وسلم خمسة كلهم أصيبوا بداء عظيم، والهلاك من جملة جنوده الأمراض.

فأهلك الأسود بن المطلب عمى عظيم الأحياء أموات بسببه، وهو المناسب لكون جبريل أشار إلى عينيه. ودهي أيضا الأسود بن عبد يغوث استسقاء سقاه كأس الموت، وهذا لا يناسب كون جبريل أشار إلى رأسه. وأصاب الوليد أثر سهم في ساقه قصرت عنه الحية الرقطاء: أي سمها. وقضت شوكة على مهجة العاص دخلت في رجله، فلله هذه النقعة الخشنة اللمس. وقضت على الحارث القيوح والحال أنه قد سار رأسه، وفسد ذلك الوعاء لتلك القيوح، وهذا هو المناسب لكون جبريل أشار إلى أنفه، لا لقول بعضهم إنه أشار إلى بطنه. خمسة طهرت بهلاكهم الأرض، فكف

<<  <  ج: ص:  >  >>