حتى بلغ السجدة فسجد وسجد القوم جميعا: أي المسلمون والمشركون.
أقول: قال بعضهم: ولم يكن المسلمون سمعوا الذي ألقى الشيطان، وإنما سمع ذلك المشركون فسجدوا لتعظيم آلهتهم، ومن ثم عجب المسلمون من سجود المشركين معهم من غير إيمان.
قال بعضهم: والنجم هي أول سورة نزل فيها سجدة: أي أول سورة نزلت جملة كاملة فيها سجدة فلا ينافي أن اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق: الآية ١] سورة نزلت فيها سجدة، لأن النازل منها أوائلها كما علمت.
وقد جاء «أنه صلى الله عليه وسلم قرأ يوما اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق: الآية ١] فسجد في آخرها وسجد معه المؤمنون فقام المشركون على رؤوسهم يصفقون» .
وقد روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه «أنه صلى الله عليه وسلم سجد في النجم: أي غير سجدته المتقدمة التي سجد معه المشركون» ومجموع ذلك يردّ حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما «أنه صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شيء من المفصل قبل أن يتحول إلى المدينة» لأن سورة النجم من المفصل، لأن عند أئمتنا أن أول المفصل الحجرات على الراجح من أقوال عشرة.
لا يقال: لعل ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ممن يرى أن النجم ليس من المفصل. لأنا نقول اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق: الآية ١] من المفصل اتفاقا. وعلى ما قال أئمتنا يكون في المفصل ثلاث سجدات: في النجم والانشقاق اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق: الآية ١] وهي أي النجم أول سورة أعلنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة.
وذكر الحافظ الدمياطي «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رأى من قومه كفا عنه: أي تركا وعدم تعرض له، فجلس خاليا فتمنى، فقال: ليته لم ينزل عليّ شيء ينفرهم عني» وفي رواية: «تمنى أن ينزل عليه ما يقارب بينه وبينهم حرصا على إسلامهم، وقارب رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه ودنا منهم ودنوا منه، فجلس يوما مجلسا في ناد من تلك الأندية حول الكعبة، فقرأ عليهم وَالنَّجْمِ إِذا هَوى (١)[النّجم: الآية ١] » إلى آخر ما تقدم والله أعلم.
ومن جملة من كان من المشركين حينئذ الوليد بن المغيرة لكنه رفع ترابا إلى جبهته فسجد عليه، لأنه كان شيخا كبيرا لا يقدر على السجود.
وقيل الذي فعل ذلك، سعيد بن العاص، ويقال كلاهما فعل ذلك، وقيل الفاعل لذلك أمية بن خلف وصحح، وقيل عتبة بن ربيعة، وقيل أبو لهب، وقيل المطلب.
وقد يقال: لا مانع أن يكونوا فعلوا ذلك جميعا، بعضهم فعل ذلك تكبرا،