للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجعت إلي نفسي فأخذتها، فإذا فيها سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) [الحديد: الآية ١] فكلما مررت باسم من أسمائه عز وجل ذعرت: أي فألقيها ثم ترجع إليّ نفسي فآخذها حتى بلغت آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [النّساء: الآية ١٣٦] إلى قوله تعالى إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [البقرة: الآية ٩١] فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج القوم يتبادرون بالتكبير استبشارا بما سمعوا مني، وحمدوا الله عز وجل، ثم قالوا: يا بن الخطاب أبشر فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا، فقال «اللهم أعزّ الإسلام» وفي لفظ «أيد الإسلام بأحد الرجلين، إما بأبي جهل بن هشام، وإما بعمر بن الخطاب» أي وفي لفظ «بأحب هذين الرجلين إليك أبي الحكم عمرو بن هشام يعني أبا جهل وعمر بن الخطاب» أي وفي غير ما رواية بعمر بن الخطاب، من غير ذكر أبي جهل.

وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: إنما قال صلى الله عليه وسلم «اللهم أعزّ عمر بالإسلام» لأن الإسلام يعزّ ولا يعزّ، ولعل قول عائشة ما ذكر نشأ عن اجتهاد منها، بدليل تعليلها واستبعادها أن يعزّ الإسلام بعمر فليتأمل. وكان دعاؤه صلى الله عليه وسلم بذلك يوم الأربعاء فأسلم عمر يوم الخميس. قال عمر رضي الله تعالى عنه: «فلما عرفوا مني الصدق، قلت لهم أخبروني بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: هو في بيت بأسفل الصفا ووصفوه: أي وهي دار الأرقم فخرجت» وفي رواية «أن عمر قال: يا خباب انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام خباب وابن عمه سعيد معه قال عمر: فلما قرعت الباب قيل من هذا؟ قلت: ابن الخطاب، فما اجترأ أحد أن يفتح لي الباب لما عرفوه من شدّتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يعلموا إسلامي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: افتحوا له، فإن يرد الله به خيرا يهده» . وفي لفظ يهديه بإثبات الياء، وهي لغة «ففتحوا لي: أي والذي أذن في دخوله حمزة بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه، فإن إسلام عمر كان بعد إسلام حمزة بثلاثة أيام، وقيل بثلاثة أشهر. وكان إسلام عمر وهو ابن ست وعشرين سنة. قال: وأخذ رجلان بعضديّ حتى دنوت من النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:

أرسلوه، فأرسلوني، فجلست بين يديه صلى الله عليه وسلم فأخذ بمجامع قميصي فجذبني إليه ثم قال: أسلم يا بن الخطاب، اللهم اهده، فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فكبر المسلمون تكبيرة سمعت، بطرف مكة» .

أي وفي الأوسط للطبراني، ورواه الحاكم بإسناد حسن عن ابن عمر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ضرب صدر عمر بيده حين أسلم ثلاث مرات وهو يقول: اللهم أخرج ما في صدر عمر من غلّ وأبدله إيمانا» أي ولعل خبابا وسعيدا لم يدخلا معه وإلا لبشرا بإسلام عمر.

وفي رواية «لما ضرب الباب وسمعوا صوته قام رجل فنظر من خلل الباب فرآه متوشحا سيفه: أي ولم ير معه خبابا ولا سعيدا، فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو فزع،

<<  <  ج: ص:  >  >>