فقال: يا رسول الله، هذا عمر بن الخطاب متوشحا سيفه، نعوذ بالله من شره، فقال حمزة بن عبد المطلب: فائذن له، فإن كان جاء يريد خيرا بذلناه له، وإن كان جاء يريد شرا قتلناه بسيفه» .
وفي لفظ أنه صلى الله عليه وسلم قال:«إن جاء بخير قبلناه، وإن جاء بشر قتلناه» وفي لفظ «إن يرد بعمر خير يسلم، وإن يرد غير ذلك يكن قتله علينا هينا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائذن له، فأذن له الرجل ونهض إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لقيه في صحن الدار، فأخذ بحجزته وجذبه جذبة شديدة وقال: ما جاء بك يا بن الخطاب؟
فو الله ما أدري أن تنتهي حتى ينزل الله بك قارعة» .
وفي لفظ «أخذ بمجامع ثوبه وحمائل سيفه، وقال: ما أنت منته يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل الله بالوليد بن المغيرة» أي أحد المستهزئين به صلى الله عليه وسلم كما تقدم، فقال عمر:«يا رسول الله جئت لأؤمن بالله ورسوله أشهد أنك رسول الله» وفي رواية «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة عرفت» وفي رواية «سمعها أهل المسجد» .
وفي رواية «لما جاء دفع الباب فوجد بلالا وراء الباب، فقال بلال: من هذا؟
فقال: عمر بن الخطاب، فقال: حتى استأذن لك على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال بلال: يا رسول الله عمر بالباب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن يرد الله به خيرا أدخله في الدين، فقال لبلال: افتح له، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بضبعه فهزه» .
وفي رواية:«أخذ ساعده وانتهزه؛ فارتعد عمر هيبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وجلس» وفي لفظ «أخذ بمجامع ثيابه ثم نتره نترة فما تمالك عمر أن وقع على ركبتيه، فقال صلى الله عليه وسلم: اللهم هذا عمر بن الخطاب، اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب، ما الذي تريد وما الذي جئت له؟ فقال عمر: اعرض عليّ الذي تدعو إليه فقال: تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله فأسلم عمر مكانه» .
أقول: ولا ينافي هذا ما تقدم من إسلامه وإتيانه بالشهادتين في بيت أخته قبل خروجه إليه صلى الله عليه وسلم: وقوله ولم يعلموا إسلامي، لأنه يجوز أن يكون مراده بقوله جئت لأومن جئت لأظهر إيماني عندك وعند أصحابك، وعند ذلك قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أسلم يا بن الخطاب» إلى آخره، وقوله للنبي صلى الله عليه وسلم: اعرض عليّ الذي تدعو إليه يجوز أن يكون عمر جوّز أن الذي يدعو إليه ويصير به المسلم مسلما أخص مما نطق به من الشهادتين، والله أعلم. قال عمر: وأحببت أن يظهر إسلامي وأن يصيا بني ما يصيب من أسلم من الضرر والإهانة، فذهبت إلى خالي وكان شريفا في قريش وأعلمته أني صبوت: أي وهو أبو جهل.