لذلك الجمع غبار ثائر من الأرض لشدة وطء الأقدام، لأن الكديد التراب الناعم إذا وطئ ثار غباره قال: حتى دخلنا المسجد، فنظرت قريش إليّ وإلى حمزة فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها: أي فطاف صلى الله عليه وسلم بالبيت وصلى الظهر معلنا ثم رجع ومن معه إلى دار الأرقم، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ الفاروق، فرق الله بي بين الحق والباطل.
أي وفي رواية «أنه صلى الله عليه وسلم خرج في صفين: حمزة في أحدهما. وعمر في الآخر، لهم كديد ككديد الطحين» .
وفي رواية: أن عمر رضي الله تعالى عنه قال له يا رسول الله لا ينبغي أن تكتم هذا الدين، أظهر دينك، وفي رواية «والله لا يعبد الله سرا بعد اليوم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه المسلمون وعمر أمامهم، معه سيفه ينادي: لا إله إلا الله محمد رسول الله حتى دخل المسجد، ثم صاح مسمعا لقريش: كل من تحرك منكم لأمكنن سيفي منه، ثم تقدم أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطوف والمسلمون، ثم صلوا حول الكعبة، وقرؤوا القرآن جهرا، وكانوا كما تقدم لا يقدرون على الصلاة عند الكعبة ولا يجهرون بالقرآن» .
وفي المنتقى على ما نقله بعضهم «فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر أمامه، وحمزة بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنهما، حتى طاف بالبيت وصلى الظهر معلنا، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دار الأرقم» .
وفيه أن صلاة الظهر لم تكن فرضت حينئذ، إلا أن يقال المراد بصلاة الظهر الصلاة التي وقعت في ذلك الوقت: أي ولعل المراد بها صلاة الركعتين اللتين كان يصليهما بالغداة صلاهما في وقت الظهر.
وعن عمر رضي الله عنه «وافقت ربي في ثلاث: قلت: يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: الآية ١٢٥] وقلت: يا رسول الله: إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو أمرتهن أن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب، واجتمع على رسول الله صلى الله عليه وسلم نساؤه في الغيرة، فقلت لهن: عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ [التحريم: الآية ٥] ، فنزلت، أي وقد قال له بعض نسائه صلى الله عليه وسلم: يا عمر أما في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت؟» ومنع رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي على عبد الله بن أبي ابن سلول.
وفي البخاري «لما توفي عبد الله بن أبي جاء ولده عبد الله رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه فأعطاه» وهذا لا يخالف ما في تفسير القاضي البيضاوي، من أن ابن أبيّ دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه، فلما دخل عليه، فسأله أن يستغفر له ويكفنه في شعاره الذي يلي جسده الشريف ويصلي عليه،