دماغه على قدميه» وفي رواية «كما يغلى المرجل بالقمقم» قيل والقمقم بكسر القافين: البسر الأخضر يطبخ في المرجل استعجالا لنضجه يفعل ذلك أهل الحاجة.
وذكر السهيلي الحكمة في اختصاص قدميه بالعذاب وزعم بعض غلاة الرافضة أن أبا طالب أسلم، واستدل له بأخبار واهية ردها الحافظ ابن حجر في الإصابة.
أي وقد قال: وقفت على جزء جمعه بعض أهل الرفض أكثر فيه من الأحاديث الواهية الدالة على إسلام أبي طالب، ولم يثبت من ذلك شيء.
وروى أبو طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «حدثني محمد أن الله أمره بصلة الأرحام» وأن يعبد الله وحده ولا يعبد معه غيره» وقال «سمعت ابن أخي الأمين يقول اشكر ترزق، ولا تكفر تعذب» انتهى.
وفي المواهب عن شرح التنقيح للقرافي أن أبا طالب ممن آمن بظاهره وباطنه وكفر بعدم الإذعان للفروع، لأنه كان يقول: إني لا أعلم أن ما يقوله ابن أخي لحق، ولولا أني أخاف أن يعيرني نساء قريش لاتبعته، فهذا تصريح باللسان واعتقاد بالجنان، غير أنه لم يذعن للأحكام، هذا كلامه. وفيه أن الإيمان باللسان الإتيان بلا إله إلا الله، ولم يوجد ذلك منه كما علمت، وتقدم أن الإيمان النافع عند الله الذي يصير به الشخص مستحقا لدخول الجنة ناجيا من الخلود في النار، التصديق بالقلب بما علم بالضرورة أنه من دين محمد صلى الله عليه وسلم وإن لم يقر بالشهادتين مع التمكين من ذلك حيث لم يطلب منه ذلك ويمتنع، وأبو طالب طلب منه ذلك وامتنع.
وقد روى الطبراني عن أم سلمة «أن الحارث بن هشام- أي أخا أبي جهل بن هشام- أتى النبي صلى الله عليه وسلم يوم حجة الوداع، فقال: إنك تحث على صلة الرحم، والإحسان إلى الجار، وإيواء اليتيم، وإطعام الضيف، وإطعام المسكين، وكل هذا مما يفعله هشام، يعني والده، فما ظنك به يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل قبر لا يشهد صاحبه أن لا إله إلا الله فهو جذوة من النار، وقد وجدت عمي أبا طالب في طمطام من النار، فأخرجه الله لمكانه مني وإحسانه إليّ، فجعله في ضحضاح من النار» .
وذكر أن أبا طالب لما حضرته الوفاة جمع إليه وجهاء قريش فأوصاهم، وكان من وصيته أن قال: يا معشر قريش أنتم صفوة الله من خلقه وقلب العرب، فيكم المطاع، وفيكم المقدم الشجاع، والواسع الباع، لم تتركوا للعرب في المآثر نصيبا إلا أحرزتموه، ولا شرفا إلا أدركتموه، فلكم بذلك على الناس الفضيلة، ولهم به إليكم الوسيلة. أوصيكم بتعظيم هذه البنية: أي الكعبة، فإن فيها مرضاة للرب، وقواما للمعاش. صلوا أرحامكم ولا تقطعوها، فإن في صلة الرحم منسأة- أي فسحة- في