للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى البيهقي خبر «أن عليا رضي الله تعالى عنه غسله بأمر النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك» لكن ضعفه وفي رواية عن علي رضي الله تعالى عنه «لما أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم بموت أبي طالب بكى وقال: اذهب فاغسله وكفنه وواره، غفر الله له ورحمه» .

وأما ما روي عنه أنه صلى الله عليه وسلم عارض جنازة عمه أبي طالب فقال: وصلتك رحم، وجزيت خيرا يا عم» فقال الذهبي إنه خبر منكر، والله أعلم.

وجاء أيضا «أنه ذكر عنده عمه أبو طالب فقال: إنه ستنفعه شفاعتي» وفي رواية «لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار» أي مقدار ما يغطي بطن قدميه. وفي رواية «في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منها دماغه» وفي لفظ عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا كان يوم القيامة شفعت لأبي وأمي وعمي أبي طالب، وأخ لي كان في الجاهلية» يعني أخاه من الرضاعة من حليمة كما في رواية تأتي.

أقول: يجوز أن يكون ذكر شفاعته لأبويه كان قبل إحيائهما وإيمانهما به كما قدمناه جوابا عن نهيه عن الاستغفار لهما، والله أعلم.

وفي لفظ آخر «شفعت في أبي وعمي أبي طالب وأخي من الرضاعة- يعني من حليمة- ليكونوا من بعد البعث هباء» .

ومما يستأنس به لإيمان أبيه ما جاء «أنه صلى الله عليه وسلم قال لابنته فاطمة رضي الله تعالى عنها وقد عزّت قوما من الأنصار في ميتهم: لعلك بلغت معهم الكدي- بالدال المهملة أو الكرا بالراء، يعني القبور- فقالت: لا، فقال: لو كنت بلغت معهم الكدي ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك يعني عبد المطلب» ولم يقل جدك يعني أباه الذي هو عبد الله، وتقدم القول بأن حليمة وأولادها أسلموا.

وعليه فيجوز أن يكون هذا منه صلى الله عليه وسلم قبل أن يسلم أخوه من الرضاعة كما تقدم مثل ذلك في أبيه وأمه. وفي رواة الحديث الأول من هو منكر الحديث، وفي الثاني من هو ضعيف. وقال فيه ابن الجوزي: إنه موضوع بلا شك: أي وهذا أي قبول شفاعته صلى الله عليه وسلم في عمه أبي طالب عد من خصائصه صلى الله عليه وسلم، فلا يشكل بقوله تعالى فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨) [المدّثّر: الآية ٤٨] أو لا تنفعهم شفاعة الشافعين في الإخراج من النار بالكلية: أي وفي هذا الثاني أنه لا يناسب أن شفاعته لهم أن يكونوا من بعد البعث هباء: أي في صيرورتهم هباء، إلا أن يقال إنه لم يستجب له في ذلك.

قال: وجاء أيضا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إن أهون أهل النار- أي وهم الكفار- عذابا أبو طالب، وهو ينتعل بنعلين يغلي منهما دماغه» أي وفي رواية «كما يغلى المرجل» أي القدر من النحاس «حتى يسيل

<<  <  ج: ص:  >  >>