نصيبين من بطن نخلة جاؤوا قومهم منذرين، ثم جاؤوا مع قومهم وافدين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة وهم ثلاثمائة فانتهوا إلى الحجون، فجاء واحد من أولئك النفر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن قومنا قد حضروا بالحجون يلقونك، فوعده رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة من الليل بالحجون» اهـ.
وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، قال «أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أمرت أن أقرأ على إخوانكم من الجن، فليقم معي رجل منكم ولا يقم رجل في قلبه مثقال حبة خردل من كبر، فقمت معه: أي بعد أن كرر ذلك ثلاثا ولم يجبه أحد منهم» ولعلهم فهموا أن من الكبر ما ليس منه وهو محبة الترفع في نحو الملبس الذي لا يكاد يخلو منه أحد.
وقد بين صلى الله عليه وسلم الكبر في الحديث ببطر الحق وغمص الناس: أي استصغارهم وعدم رؤيتهم شيئا بعد أن قالوا له «يا رسول الله إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر من بطر الحق وغمط الناس» بالطاء المهملة كما في رواية أبي داود، وجاء «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرّة من كبر، ولا يدخل النار أحد في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان» قال الخطابي: المراد بالكبر هنا: أي في هذه الرواية كبر الكفر لأنه قابله بالإيمان. قال ابن مسعود «وذهب صلى الله عليه وسلم في بعض نواحي مكة- أي بأعلاها بالحجون- فلما برز خط لي خطا: أي برجله وقال: لا تخرج، فإنك إن خرجت لم ترني ولم أرك إلى يوم القيامة» وفي رواية «لا تحدثنّ شيئا حتى آتيك، لا يروعنك: أي لا يخوفنك ويفزعنك؛ ولا يهولنك: أي لا يعظم عليك شيء تراه، ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا رجال سود كأنهم رجال الزط، وهم طائفة من السودان الواحد منهم زطي، وكانوا كما قال الله تعالى كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً [الجن: الآية ١٩] أي لازدحامهم لِبَداً أي كاللبد في ركوب بعضهم بعضا حرصا على سماع القرآن منه صلى الله عليه وسلم، فأردت أن أقوم فأذبّ عنه، فذكرت عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فمكثت، ثم إنهم تفرقوا عنه صلى الله عليه وسلم فسمعتهم يقولون: يا رسول الله إن شقتنا أن أرضنا التي نذهب إليها بعيدة ونحن منطلقون، فزوّدنا: أي لأنفسنا ودوابنا» ولعله كان نفد زادهم وزاد دوابهم، فقال كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في يد أحدكم أوفر ما كان لحما» رواه مسلم.
وفي رواية «إلا وجد عليه لحمه الذي كان عليه يوم أكل، وكل بعر علف دوابكم» .
وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه «أنهم لما سألوه صلى الله عليه وسلم الزاد، قال لهم:
لكم كل عظم عراق، ولكم كل روثة خضرة» والعراق بضم العين وفتح الراء جمع