وفيه أنه إذا لم يجد شيئا من أخذ بعضديه، إلا أن يقال ثم رآه عند أخذه يعضديه، فإذا دابة أبيض» أي ومن ثم قيل له البراق بضم الموحدة لشدة بريقه، وقيل: قيل له ذلك لسرعته، أي فهو كالبرق، وقيل لأنه كان ذا لونين أبيض وأسود، أي يقال شاة برقاء: إذا كان خلال صوفها الأبيض طاقات سوداء: أي وهي العفراء، ومن ثم جاء في الحديث «أبرقوا فإن دم عفراء عند الله أذكى من دم سوداوين» أي ضحوا بالبلقاء وهي العفراء لكن في الصحاح الأعفر الأبيض، وليس بالشديد البياض، وشاة عفراء: يعلو بياضها حمرة، ولغلبة بياض شعره على سوداه أو حمرته قيل أبيض، ولعل سواد شعره لم يكن حالكا بل كان قريبا من الحمرة فوصف بأنه أحمر، وهذا لا يتم إلا لو كان البراق كذلك، أي شعره أبيض داخله طاقات سود أو حمر ولعله كان كذلك، ويدل له قول بعضهم: إنه ذو لونين، أي بياض وسواد، والسواد كما علمت إذا صفا شبه بالأحمر، وهذه الرواية طوي فيها ذكر أنه كان بين حمزة وجعفر، وأنه جاءه جبريل وميكائيل وملك آخر، وأنهم احتملوه إلى زمزم، وشق جبريل صدره إلى آخر ما تقدم «وذلك البراق فوق الحمار ودون البغل، مضطرب الأذنين» أي طويلهما «أي وكان مسرجا ملجما» كما في بعض الروايات «فركبته، فكان يضع حافره مد بصره» أي حيث ينتهي بصره.
وفي رواية «ينتهي خفها حيث ينتهي طرفها، إذا أخذ في هبوط طالت يداه وقصرت رجلاه، إذا أخذ في صعود طالت رجلاه وقصرت يداه» أي وقد ذكر هذا الوصف في فرس فرعون موسى. فقد قيل: كان لفرعون أربع عجائب، فذكر منها أن لحيته كانت خضراء ثمانية أشبار، وقامته سبعة أشبار، فكانت لحيته أطول منه بشبر، وكان له فرس، وقيل برذون إذا صعد الجبل قصرت يداه وطالت رجلاه، وإذا انحدر يكون على ضد ذلك. وفي رواية «أن البراق خطوه مد البصر» قال ابن المنير: فعلى هذا يكون قطع من الأرض إلى السماء في خطوة واحدة، لأن بصر الذي في الأرض يقع على السماء فبلغ أعلى السموات في سبع خطوات انتهى، أي لأن بصر من يكون في سماء الدنيا يقع على السماء فوقها وهكذا، وهذا بناء على أنه عرج به صلى الله عليه وسلم على المعراج راكب البراق، وسيأتي ما فيه.
قال صلى الله عليه وسلم «فلما دنوت منه اشمأز: أي نفر» وفي رواية «فاستصعب ومنع ظهره أن يركب؛ فقال جبريل: اسكن، فما ركبك أحد أكرم على الله من محمد» وفي رواية «في فخذيها» أي تلك الدابة التي هي البراق «جناحان تحفز بهما» أي تدفع بهما «رجليهما» ففي اللغة: الحفز: الحث والإعجال «فلما دنوت لأركبها شمست» أي نفرت ومنعت ظهرها. وفي رواية «شمس» ، وفي رواية «صرّت أذنيها» أي جمعتهما، وذلك شأن الدابة إذا نفرت «فوضع جبريل يده على معرفتها، ثم قال: ألا تستحيين يا