للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

براق مما تصنعين؟ والله ما ركب عليك أحد» وفي رواية «عبد الله قبل محمد صلى الله عليه وسلم أكرم على الله منه، فاستحيت حتى أرفضت عرقا» أي كثر عرقها وسال «ثم قرت حتى ركبها» أي وفي رواية «فقال جبريل: مه يا براق، فو الله ما ركبك مثله من الأنبياء» أي لأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كانت تركبها قبله صلى الله عليه وسلم.

ففي البيهقي «وكانت الأنبياء تركبها قبلي» وعند النسائي «وكانت تسخر للأنبياء قبلي، وبعد عليها العهد من ركوبهم لأنها لم تكن ركبت في الفترة بين عيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام كما ذكره ابن بطال وهو يقتضي أنه لم يركبه أحد ممن كان بين عيسى ومحمد من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وجاء التصريح بذلك في بعض الروايات، أي والمتبادر منها أنها التي بينه وبين عيسى عليهما الصلاة والسلام، فيكون عيسى ممن ركبها دون من بعده من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام على تقدير ثبوت وجود أنبياء عليهم الصلاة والسلام بعد عيسى، وتقدم عن النهر أنه كان بينهما ألف نبي.

وقوله لأن الأنبياء ظاهرة يدل على أن جميع الأنبياء أي عيسى ومن قبله ركبوه. قال الإمام النووي: القول باشتراك جميع الأنبياء في ركوبها يحتاج إلى نقل صحيح، هذا كلامه.

ومما يدل على أن الأنبياء كانت تركبه قبله صلى الله عليه وسلم ما تقدم وظاهر ما سيأتي في بعض الروايات «فربطه بالحلقة التي توثق بها الأنبياء» وإنما قلنا ظاهر لأنه لم يذكر الموثق بفتح المثلثة، إذ يحتمل أن الأنبياء كانت تربط غير البراق من دوابهم بها.

ثم رأيت في رواية البيهقي «فأوثقت دابتي» يعني البراق «التي كانت الأنبياء تربطها فيه» ومن ثم قال الشيخ عبد الوهاب الشعراني رحمه الله: ما من رسول إلا وقد أسري به راكبا على ذلك البراق، هذا كلامه، وقد تقدم أن إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه حمل هو وهاجر وولدهما يعني إسماعيل على البراق إلى مكة.

وفي تاريخ الأزرقي: وكان إبراهيم يحج كل سنة على البراق، فعن سعيد بن المسيب وغيره «أن البراق هو دابة إبراهيم عليه الصلاة والسلام التي كان يزور عليها البيت الحرام» وعلى تسليم أنه لم يركب البراق أحد قبله صلى الله عليه وسلم كما يقول ابن دحية ووافقه الإمام النووي، فقول جبريل عليه الصلاة والسلام «ما ركبك» ونحوه لا ينافيه، لأن السالبة تصدق بنفي الموضوع، ومن ثم قال في الخصائص الصغرى: وخص صلى الله عليه وسلم بركوب البراق في أحد القولين، أي وقيل إن الذي خص به هو ركوبه مسرجا ملجما.

وفي المنتقى أن البراق وإن كان يركبه الأنبياء إلا أنه لم يكن يضع حافره عند منتهى طرفه إلا عند ركوب النبي صلى الله عليه وسلم. وجاء في غريب التفسير «أن البراق لما شمس

<<  <  ج: ص:  >  >>