وعلم أنه لا قدرة له على ذلك نذر إن رزق عشرة من الولد الذكور يمنعونه ممن يتعالى عليه ليذبحن أحدهم عند الكعبة.
أي وقيل إن سبب ذلك أن عدي بن نوفل بن عبد مناف أبا المطعم قال له: يا عبد المطلب تستطيل علينا وأنت فذّ لا ولد لك: أي متعدد، بل لك ولدا واحدا ولا مال لك، وما أنت إلا واحد من قومك، فقال له عبد المطلب: أتقول هذا، وإنما كان نوفل أبوك في حجر هاشم: أي لأن هاشما كان خلف على أم نوفل وهو صغير، فقال له عدي: وأنت أيضا قد كنت في يثرب عند غير أبيك كنت عند أخوالك من بني النجار، حتى ردك عمك المطلب، فقال له عبد المطلب: أو بالقلة تعيرني، فلله علي النذر لئن آتاني الله عشرة من الأولاد الذكور لأنحرن أحدهم عند الكعبة. وفي لفظ: أن أجعل أحدهم لله نحيرة.
قيل إن عبد المطلب نذر أن يذبح ولدا إن سهل الله له حفر زمزم، فعن معاوية رضي الله عنه أن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر الله إن سهل الأمر بها أن ينحر بعض ولده، فلما صاروا عشرة: أي وحفر زمزم أمر في اليوم بالوفاء بنذره:
أي قيل له قرّب أحد أولادك: أي بعد أن نسي ذلك وقد قيل له قبل ذلك: أوف بنذرك، فذبح كبشا وأطعمه الفقراء ثم قيل له في النوم: قرب ما هو أكبر من ذلك فذبح ثورا، ثم قيل له في النوم قرب ما هو أكبر من ذلك فذبح جملا، ثم قيل له في النوم قرب ما هو أكبر من ذلك فقال: وما هو أكبر من ذلك؟ فقيل له قرب أحد أولادك الذي نذرت ذبحه، فضرب القداح على أولاده بعد أن جمعهم وأخبرهم بنذره، ودعاهم إلى الوفاء وأطاعوه.
ويقال إن أول من أطاعه عبد الله وكتب اسم كل واحد على قدح، ودفعت تلك القداح للسادن والقائم بخدمة هبل، وضرب تلك القداح، فخرجت على عبد الله: أي وكان أصغر ولده، وأحبهم إليه مع ما تقدم من أوصافه، فأخذه عبد المطلب بيده وأخذ الشفرة، ثم أقبل به على إساف ونائلة وألقاه على الأرض، ووضع رجله على عنقه، فجذب العباس عبد الله من تحت رجل أبيه حتى أثر في وجهه شجة لم تزل في وجه عبد الله إلى أن مات، كذا قيل.
وفيه أن العباس لما ولد صلى الله عليه وسلم كان عمره ثلاث سنين ونحوها، فعنه رضي الله عنه: أذكر مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن ثلاثة أعوام أو نحوها فجيء به حتى نظرت إليه وجعلت النسوة يقلن لي قبل أخاك فقبلته، وقيل منعه أخواله بنو مخزوم وقالوا له: والله ما أحسنت عشرة أمه، وقالوا له ارض ربك وافد ابنك، ففداه بمائة ناقة، وفي رواية «وأعظمت قريش ذلك» أي وقامت سادة قريش من أنديتها إليه ومنعوه من ذلك وقالوا له: والله لا نفعل حتى تستفتي فيه فلانة الكاهنة أي لعلك تعذر فيه إلى