ربك لئن فعلت هذا لا يزال الرجل يأتي بابنه حتى يذبحه أي ويكون سنة، ولعل المراد إذا وقع له مثل ما وقع لك من النذر وقال له بعض عظماء قريش لا تفعل إن كان فداؤه بأموالنا فديناه، وتلك الكاهنة قيل اسمها قطبة وقيل غير ذلك كانت بخيبر فأتها فاسألها فإن أمرتك بذبحه ذبحته، وإن أمرتك بأمر لك وله فيه فرج قبلته، فأتاها أي مع بعض قومه وفيهم جماعة من أخوال عبد الله بن مخزوم، فسألها وقص عليها القصة فقالت: ارجعوا عني اليوم حتى يأتي تابعي فأسأله، فرجعوا من عندها ثم غدوا عليها، فقالت لهم: قد جاءني الخبر كم الدية فيكم؟ فقالوا عشرة من الإبل، فقالت:
تخرج عشرة من الإبل وتقدح، وكلما وقعت عليه يزاد الإبل حتى تخرج القداح عليها، فضرب على عشرة فخرجت عليه فما زال يزيد عشرة عشرة حتى بلغت مائة، فخرجت القداح عليها، فقالت قريش ومن حضره قد انتهى رضا ربك، فقال عبد المطلب: لا والله حتى أضرب عليها ثلاث مرات: أي ففعل ذلك وذبح الإبل عند الكعبة لا يصدّ عنها أحد، أي من آدمي ووحش وطير. قال الزهري: فكان عبد المطلب أول من سن دية النفس مائة من الإبل: أي بعد أن كانت عشرة كما تقدم.
وقيل أول من سن ذلك أبو يسار العدواني. وقيل عامر بن الظرب، فجرت في قريش: أي وعلى ذلك فأولية عبد المطلب إضافية ثم فشت في العرب، وأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأول من ودي بالإبل عن العرب زيد بن بكر من هوازن قتله أخوه: أي وأما ما قيل إن القدح بعد المائة خرج على عبد الله أيضا، ولا زال يخرج عليه حتى جعلوا الإبل ثلاثمائة، فخرج على الإبل فنحرها عبد المطلب فضعيف جدا.
وقد ذكر الحافظ ابن كثير أن ابن عباس رضي الله عنهما سألته امرأة أنها نذرت ذبح ولدها عند الكعبة فأمرها بذبح مائة من الإبل أخذا من هذه القصة ثم سألت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن ذلك فلم يفتها بشيء فبلغ مروان بن الحكم وكان أميرا على المدينة، فأمر المرأة أن تعمل ما استطاعت من خير بدل ذبح ولدها وقال: إن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما لم يصيبا الفتيا، ولا يخفى أن هذا نذر باطل عندنا معاشر الشافعية فلا يلزمها به شيء.
وعند أبي حنيفة ومحمد يلزمها ذبح شاة في أيام النحر في الحرم أخذا من قصة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام قال القاضي البيضاوي: وليس فيه ما يدل عليه.
وفي الكشاف أنه صلى الله عليه وسلم قال:«أنا ابن الذبيحين» أي عبد الله وإسمعيل وعن بعضهم قال: كنا عند معاوية رضي الله تعالى عنه فتذاكر القوم الذبيح هل هو إسمعيل أو إسحق، فقال معاوية على الخبير سقطتم كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه أعرابي: أي يشكو جدب أرضه، فقال: يا رسول الله خلفت البلاد يابسة هلك المال وضاع