رضي الله عنها «اتبعيه وانظري ماذا يقول؟ فلما رجعت أخبرتني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى إلى نفر من قريش في الحطيم» هو ما بين باب الكعبة والحجر الأسود. وفي كلام بعضهم: بين الركن والمقام. سمي بذلك لأن الناس يحطم بعضهم بعضا فيه من الازدحام لأنه من مواطن إجابة الدعاء، قيل ومن حلف فيه آثما عجلت عقوبته، وربما أطلق كما تقدم على الحجر بكسر الحاء وأولئك النفر الذين انتهى صلى الله عليه وسلم إليهم فيهم المطعم بن عدي وأبو جهل بن هشام والوليد بن المغيرة، فقال صلى الله عليه وسلم:«إني صليت الليلة العشاء» أي أوقعت صلاة في ذلك الوقت في هذا المسجد «وصليت به الغداة» أي أوقعت صلاة في ذلك الوقت، وإلا فصلاة العشاء لم تكن فرضت، وكذا صلاة الغداة التي هي الصبح لم تكن فرضت كما تقدم «وأتيت فيما بين ذلك بيت المقدس» .
أي لا يقال كان المناسب لذلك أن يقول وأتيت في لحظة أو ساعات، وعلى ما تقدم فيما بين ذلك ببيت المقدس ولم يوسع لهم الزمن. لأنا نقول وسع لهم الزمن، لأن الطباع لا تنفر منه نفرتها من تلك فليتأمل.
قال «وجاء أنه صلى الله عليه وسلم لما دخل المسجد قطع وعرف أن الناس تكذبه» أي وما أحب أن يكتم ما هو دليل على قدرة الله تعالى، وما هو دليل على علوّ مقامه صلى الله عليه وسلم الباعث على اتباعه؟ فقعد صلى الله عليه وسلم حزينا، فمر به عدو الله أبو جهل فجاء حتى جلس إليه صلى الله عليه وسلم، فقال كالمستهزئ: هل كان من شيء؟ قال نعم أسري بي الليلة، قال: إلى أين؟ قال: إلى بيت المقدس، قال: ثم أصبحت بين ظهرانينا قال: نعم، قال فلم ير أنه يكذبه مخافة أن يجحده الحديث إن دعا قومه إليه، قال: أرأيت إن دعوت قومك أتحدثهم ما حدثتني؟ قال نعم، قال: يا معشر بني كعب بن لؤيّ، فانقضت إليه المجالس وجاؤوا حتى جلسوا إليهما، فقال: حدث قومك بما حدثتني به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أسري بي الليلة، قالوا: إلى أين؟ قال: إلى بيت المقدس» الحديث انتهى «فنشر لي رهط من الأنبياء منهم إبراهيم وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلم وصليت بهم وكلمتهم فقال أبو جهل كالمستهزئ صفهم لي فقال صلى الله عليه وسلم: أما عيسى عليه الصلاة والسلام ففوق الربعة ودون الطويل» أي لا طويل ولا قصير «عريض الصدر، ظاهر الدم» أي لونه أحمر. وفي رواية «يعلوه حمرة كأنما يتحادر من لحيته الجمان» وفي رواية «كأنه خرج من ديماس» أي من حمام، وأصله الكن الذي يخرج منه الإنسان وهو عرقان، وأصله الظلمة. يقال: ليل دامس.
والحمام لفظ عربي. وأول واضع له الجن، وضعته لسيدنا سليمان على نبينا وعليه الصلاة والسلام. وقيل الواضع له بقراط؛ وقيل شخص سابق على بقراط، استفاده من رجل كان به تعقيد العصب فوقع في ماء حار في جب فسكن، فصار يستعمله حتى برئ.