للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حبست كذلك لنبينا صلى الله عليه وسلم كما تقدم، وكذا القمر حبس لموسى عليه الصلاة والسلام عن الطلوع له. فعن عروة بن الزبير رضي الله تعالى عنه قال: إن الله تعالى حين أمر موسى عليه الصلاة والسلام بالمسير ببني إسرائيل إلى بيت المقدس، أمره أن يحمل معه عظام يوسف عليه الصلاة والسلام، وأن لا يخلفها بأرض مصر وأن يسير بها حتى يضعها بالأرض المقدسة، أي وفاء بما أوصى به يوسف عليه الصلاة والسلام.

فقد ذكر أن يوسف عليه الصلاة والسلام لما أدركته الوفاة، أوصى أن يحمل إلى مقابر آبائه، فمنع أهل مصر أولياءه من ذلك، فسأل موسى عليه الصلاة والسلام عمن يعرف موضع قبر يوسف، فما وجد أحدا يعرفه إلا عجوزا من بني إسرائيل، فقالت له: يا نبي الله أنا أعرف مكانه وأدلك عليه إن أنت أخرجتني معك ولم تخلفني بأرض مصر، قال أفعل، وفي لفظ: إنها قالت أكون معك في الجنة فكأنه ثقل عليه ذلك، فقيل له أعطها طلبتها فأعطاها.

وقد كان موسى عليه الصلاة والسلام وعد بني إسرائيل أن يسير بهم إذا طلع القمر، فدعا ربه أن يؤخر طلوعه حتى يفرغ من أمر يوسف عليه الصلاة والسلام، ففعل فخرجت به العجوز حتى أرته أيلة في ناحية من النيل، وفي لفظ في مستنقعة ماء أي وتلك المستنقعة في ناحية من النيل، فقالت لهم أنضبوا عنها الماء: أي ارفعوه عنها ففعلوا، قالت: احفروا فحفروا وأخرجوه. وفي لفظ: أنها انتهت به إلى عمود على شاطئ النيل، أي في ناحية منه فلا يخالفه ما سبق في أصله سكة من حديد فيها سلسلة؛ أي ويجوز أن يكون حفرهم الواقع في تلك الرواية كان على إظهار تلك السكة فلا مخالفة، ووجدوه في صندوق من حديد وسط النيل في الماء، فاستخرجه موسى عليه الصلاة والسلام، وهو في صندوق من مرمر أي داخل ذلك الصندوق الذي من الحديد فاحتمله.

وفي أنس الجليل: أن موسى عليه الصلاة والسلام جاءه شيخ له ثلاثمائة سنة، فقال له يا نبي الله ما يعرف قبر يوسف إلا والدتي، فقال له موسى: قم معي إلى والدتك فقام الرجل ودخل منزله وأتى بقفة فيها والدته فقال لها موسى: ألك علم بقبر يوسف؟ فقالت: نعم ولا أدلك على قبره إلا إذا دعوت الله تعالى أن يرد عليّ شبابي إلى سبع عشرة سنة ويزيد في عمري مثل ما مضى فدعا موسى لها، وقال لها كم عمرك؟ قالت له تسعمائة سنة فعاشت ألفا وثمانمائة سنة، فأرته قبر يوسف وكان في وسط نيل مصر ليمر النيل عليه فيصل إلى جميع مصر فيكونون شركاء في بركته.

وأما عود الشمس بعد غروبها، فقد وقع له صلى الله عليه وسلم في خيبر، فعن أسماء بنت عميس أنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوحى إليه ورأسه في حجر عليّ، ولم يسر عن النبي صلى الله عليه وسلم، حتى غربت الشمس وعليّ لم يصل العصر أي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:

<<  <  ج: ص:  >  >>