للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصليت العصر؟ فقال لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك، فاردد عليه الشمس. قالت أسماء فرأيتها طلعت بعد ما غربت» .

قال بعضهم: لا ينبغي لمن سبيله العلم أن يتخلف عن حفظ هذا الحديث، لأنه من أجلّ أعلام النبوّة وهو حديث متصل. وقد ذكر في الإمتاع: أنه جاء عن أسماء من خمسة طرق وذكرها، وبه يرد ما تقدم عن ابن كثير بأنه تفردت بنقله امرأة من أهل البيت مجهولة لا يعرف حالها، وبه يرد على ابن الجوزي، حيث قال فيه إنه حديث موضوع بلا شك لكن في الإمتاع ذكر في خامس الطرق «أن عليا اشتغل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قسمة الغنائم يوم خيبر حتى غابت الشمس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

يا عليّ صليت العصر؟ قال لا يا رسول الله، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلس في المسجد فتكلم بكلمتين أو ثلاثة كأنها من كلام الحبش، فارتجعت الشمس كهيئتها في العصر فقام علي فتوضأ وصلى العصر ثم تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل ما تكلم به قبل ذلك، فرجعت إلى مغربها فسمعت لها صريرا كالمنشار في الخشب» وذلك مخالف لسائر الطرق، إلا أن يدعي أن هذه الطريق فيها حذف، والأصل اشتغل مع النبي صلى الله عليه وسلم في قسمة غنائم خيبر، ثم وضع رأسه في حجر علي ونام فما استيقظ حتى غابت الشمس فلا مخالفة.

قال «وجاء أنه صلى الله عليه وسلم قبل وصوله إلى بيت المقدس ساروا حتى بلغوا أرضا ذات نخل؛ فقال له جبريل: انزل فصلّ هنا ففعل، ثم ركب فقال: أتدري أين صليت؟

قال لا، قال: صليت بطيبة وإليها المهاجرة» وسيأتي ما فيه في الكلام على الهجرة «فانطلق البراق يهوي يضع حافره حيث أدرك طرفه، حتى إذا بلغ أرضا فقال له جبريل انزل فصل ههنا ففعل ثم ركب، فقال له جبريل أتدري أين صليت؟ قال لا، قال: صليت بمدين» أي وهي قرية تلقاء غزة عند شجرة موسى، سميت باسم مدين ابن إبراهيم لما نزلها «ثم ركب فانطلق البراق يهوي به، ثم قال انزل فصل، ففعل ثم ركب، فقال له: أتدري أين صليت؟ قال لا، قال: صليت ببيت لحم» أي وهي قرية تلقاء بيت المقدس «حيث ولد عيسى عليه الصلاة والسلام» أي وفي الهدى وقيل إنه نزل ببيت لحم وصلى فيه ولا يصح عنه ذلك البتة «وبينا هو يسير على البراق إذ رأى عفريتا من الجن يطلبه بشعلة من نار كلما التفت رآه، فقال له جبريل: ألا أعلمك كلمات تقولهن إذا قلتهن طفئت شعلته وخرّ لفيه؟ فقال صلى الله عليه وسلم بلى، فقال جبريل: قل أعوذ بوجه الله الكريم وبكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن فتن الليل والنهار، ومن طوارق الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن، أي فقال ذلك فانكب لفيه وطفئت شعلته. ورأى حال المجاهدين في

<<  <  ج: ص:  >  >>