للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض قبل وصول بيت المقدس، وقال له: هنا «مر أمتك فليكثروا من غراس الجنة فإن تربتها طيبة، وأرضها واسعة، فقال له: وما غراس الجنة؟ فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله» وفي رواية أخرى «أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء، وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر» .

وقال يقال: لا مخالفة بين الروايتين، لأنه يجوز أن يكون غراس الجنة مجموع ما ذكر وأن بعض الرواة اقتصر.

قال صلى الله عليه وسلم «واستقبلتني جارية لعساء وقد أعجبتني، فقلت لها: يا جارية أنت لمن؟ قالت: لزيد بن حارثة» أي ولعل تلك الجارية خرجت من الجنة فيكون استقبالها له صلى الله عليه وسلم بعد مجاوزة السماء السابعة، لكن في رواية «فرأيت فيها أي في الجنة جارية» الحديث.

وقد يقال: يجوز أن يكون رآها مرتين خارج الجنة وداخلها فيكون سؤالها في المرة الأولى. واللعس: لون الشفة إذا كانت تضرب إلى السواد قليلا، وذلك مستملح قاله في الصحاح.

وفي رواية «فلما انتهى إلى السماء السابعة رأى فوقه رعدا وبرقا وصواعق» أي وهذه الرواية ظاهرة في أنه صلى الله عليه وسلم رأى ذلك في السماء السابعة محتملة لأن يكون رآه قبل دخوله فيها، وحينئذ يكون قوله ثم أتى بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل على الاحتمالين المذكورين.

وعند عرض تلك الأواني عليه صلى الله عليه وسلم أخذ اللبن فقال جبريل: أصبت الفطرة: أي بأخذك اللبن الذي هو الفطرة، أصاب الله عز وجل بك أمتك على الفطرة: أي أوجدهم على الفطرة ببركتك. وفي رواية «هذه الفطرة التي أنت عليها وأمتك» أي وتقدم أن المراد بها الإسلام.

وورد أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام في السماء السادسة، وموسى في السماء السابعة، وهذه الرواية في البخاري عن أنس، وتقدم أن ذلك كان في الإسراء بروحه صلى الله عليه وسلم لا بجسده، وفيه أن رؤيا الأنبياء حق.

فالأولى الجمع بين الروايات بالانتقال، وأن بعض الأنبياء نزل من محله إلى ما تحته لملاقاته صلى الله عليه وسلم عند صعوده، وبعضهم خرج عن محله وصعد إلى ما فوقه لملاقاته صلى الله عليه وسلم عند هبوطه، فأخبر صلى الله عليه وسلم عنه تارة بأنه في سماء كذا وتارة بأنه في سماء كذا، والحافظ ابن حجر لا يرى الجمع، بل يحكم على ما خالف أصح الروايات بأنه لا يعمل به. قال: والجمع إنما هو مجرد استرواح لا ينبغي المصير إليه هذا كلامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>