للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعندي فيه نظر ظاهر، والجمع أولى من اثبات المعارضة لا سيما بين الأصح والصحيح وإن كان الصحيح شاذا، لأنا لا نقدم الأصح أو الصحيح على غيره إلا حيث تعذر الجمع فليتأمل.

وعلى المشهور من الروايات الذي صدّرنا به أبدى بعضهم لاختصاص هؤلاء الأنبياء بملاقاته صلى الله عليه وسلم واختصاص كل واحد منهم بالسماء الذي لقيه فيها حكمة يطول ذكرها.

قال صلى الله عليه وسلم «ثم ذهب بي: أي جبريل إلى سدرة المنتهى، وإذا أوراقها كآذان الفيلة» وفي رواية «مثل آذان الفيول» وفي رواية «الورقة منها تظل الخلق» وفي رواية «تكاد الورقة تغطي هذه الأمة» وفي رواية «لو أن الورقة الواحدة ظهرت لغطت هذه الدنيا» وحينئذ يكون المراد بكونها كآذان الفيلة في الشكل، وهو الاستدارة لا في السعة «وإذا ثمرها كالقلال» وفي رواية «كقلال هجر» قرية بقرب المدينة، والواحدة من قلالها تسع قربتين ونصفا من قرب الحجاز، والقربة تسع من الماء مائة رطل بغدادي، فلما غشيها من أمر الله عز وجل ما غشيها تغيرت» أي صار لها حالة من الحسن غير تلك الحالة التي كانت عليها «فما أحد من خلق الله عز وجل يستطيع أن ينعتها من حسنها» أي لأن رؤية الحسن تدهش الرائي، وهذا السياق يدل على أن سدرة المنتهى فوق السماء السابعة: أي وهو قول الأكثر، وفي بعض الروايات أن أغصانها تحت الكرسي، وعن وهب أن العرش والكرسي فوق السماء السابعة. قال:

ويسأل هل ثمرة سدرة المنتهى كالثمار المأكولة في أنه يزول ويعقبه غيره هذا الزائل يؤكل أو يسقط، أي فلا يؤكل اهـ.

قال صلى الله عليه وسلم «ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذ» أي بالمعجمة «قباب اللؤلؤ» وفي لفظ «حبائل اللؤلؤ أي المعقود والقلائد، وإذا ترابها المسك، ورمانها كالدلاء وطيرها كالبخت» فدخوله صلى الله عليه وسلم للجنة كان قبل عروجه للسحابة.

وفي الحديث «ما في الدنيا ثمرة حلوة ولا مرة إلا وهي في الجنة حتى الحنظل، والذي نفس محمد بيده لا يقطف رجل ثمرة من الجنة فتصل إلى فيه حتى يبدل الله مكانها خيرا منها» وهذا القسم يرشد إلى أن ثمرة الجنة كلها حلوة تؤكل، وأنها تكون على صورة ثمرة الدنيا المرة.

وفي كلام الشيخ محيي الدين بن العربي: فاكهة الجنة لا مقطوعة ولا ممنوعة:

أي تؤكل من غير قطع: أي يؤكل منها، فالأكل موجود، والعين باقية في غصن الشجرة، وليس المراد أن الفاكهة غير مقطوعة في شتاء ولا صيف، أو يخلق مكان قطعها أخرى على الفور كما فهمه بعضهم، فعين ما يأكل العبد هو عين ما يشهد، وأطال في ذلك، وكأنه لم يقف على هذا الحديث، أو لم يثبت عنده فليتأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>