«ثم قال الله عز وجل: يا محمد وأين حاجة جبريل؟ فقلت: اللهم إنك أعلم؛ فقال يا محمد قد أجبته فيما سأل، ولكن فيمن أحبك وصحبك» .
أقول: لعل المراد بمن صحبك من كان تابعا لك في دينك عاملا بسنتك: أي وهو مراد جبريل بأمته صلى الله عليه وسلم في قوله أن أبسط جناحي لأمتك على الصراط، والله أعلم.
وفي رواية «إنه صلى الله عليه وسلم لما رأى الحق سبحانه وتعالى خر ساجدا، قال صلى الله عليه وسلم:
فأوحى الله عز وجل إليّ ما أوحى» .
وقد ذكر الثعلبي والقشيري في تفسير قوله تعالى فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى (١٠)
[النّجم: الآية ١٠] أن من جملة ما أوحي إليه «إن الجنة حرام على الأنبياء حتى تدخلها يا محمد، وعلى الأمم حتى تدخلها أمتك» قال القشيري: وأوحي إليه «خصصتك بحوض الكوثر، فكلّ أهل الجنة أضيافك بالماء ولهم الخمر واللبن والعسل، ففرض عليّ خمسين صلاة في كل يوم وليلة» .
أقول: تقدم أن من جملة ما أوحي إليه في هذا الموطن من القرآن: خواتيم سورة البقرة، وبعض سورة الضحى، وبعض ألم نشرح، وقد تقدم ذلك عند الكلام على أنواع الوحي، وقدمنا أنه يضم لذلك هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ [الأحزاب:
الآية ٤٣] الآية على ما تقدم.
هذا. وفي حديث رواته ثقات «لما وصلت إلى السماء السابعة، قال لي جبريل عليه السلام: «رويدا» أي قف قليلا «فإن ربك يصلي، قلت: أهو يصلي؟» وفي لفظ «كيف يصلي» وفي لفظ آخر «قلت: يا جبريل أيصلي ربك؟ قال نعم، قلت: وما يقول؟ قال: يقول: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، سبقت رحمتي غضبي» ولا مانع من تكرر وقوع ذلك له صلى الله عليه وسلم من جبريل ومن غيره في السماء السابعة وفيما فوقها، لكن يبعد تعجبه صلى الله عليه وسلم من كونه عز وجل يصلي في المرة الثانية وما بعدها.
وورد أن بني إسرائيل سألوا موسى هل يصلي ربك؟ فبكى موسى عليه الصلاة والسلام لذلك، فقال الله تعالى: يا موسى ما قالوا لك؟ فقال: قالوا الذي سمعت، قال: أخبرهم أني أصلي، وأن صلاتي تطفئ غضبي، والله أعلم.
قال صلى الله عليه وسلم «فنزلت إلى موسى» أي وفي رواية «ثم انجلت تلك السحابة» أي عند وصوله إلى سدرة المنتهى الذي هو المحل الذي وقف فيه جبريل «فأخذ بيده جبريل فانصرف سريعا، فأتى على إبراهيم فلم يقل شيئا، ثم أتى على موسى وهذا يدل على ما هو المشهور في الروايات أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان في السابعة، وموسى كان في السادسة، لا على غير ما هو المشهور أن إبراهيم عليه الصلاة