للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر أربع ركعات لا يقرأ فيهن علانية، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يدي الناس، وجبريل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتدي الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقتدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبريل، ثم يصلي كذلك في العصر. ولما غابت الشمس صلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب ثلاث ركعات، يقرأ في الركعتين علانية، وركعة لا يقرأ فيها علانية، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يدي الناس، وجبريل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبريل» .

وفي كلام الإمام النووي قوله إن جبريل نزل فصلى إمام رسول الله صلى الله عليه وسلم هو بكسر الهمزة، ويوضحه قوله في الحديث «نزل جبريل فأمني» واستدل بذلك بعضهم على جواز الاقتداء بمن هو مقتد بغيره، لا كما يقوله أئمتنا من منع ذلك.

وأجيب عنه من جانب أئمتنا، بأن معنى كونه صلى الله عليه وسلم مقتديا بجبريل أنه متابع له في الأفعال من غير نية اقتداء ولا إيقاف فعله على فعل جبريل، فلا يشكل على أئمتنا نعم هذا حينئذ يشكل على أئمتنا القائلين بأنه لا بد من علم كيفية الصلاة قبل الدخول فيها، ولا يكفي علمها بالمشاهدة.

وقد يجاب بأنه يجوز أن يكون جبريل عليه الصلاة والسلام علمه صلى الله عليه وسلم كيفيتها بالقول ثم اتبع القول بالفعل، وهو صلى الله عليه وسلم علم أصحابه كذلك.

وبما تقرر يسقط الاستدلال بذلك على جواز الفرض خلف النفل، لأن تلك الصلاة لم تكن واجبة على جبريل، لأن الملائكة ليسوا مكلفين بذلك.

وأجيب بأنها كانت واجبة على جبريل، لأنه مأمور بتعليمها له صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا، وكان ذلك عند البيت: أي الكعبة مستقبلا بيت المقدس أي صخرته، واستقباله صلى الله عليه وسلم لبيت المقدس. قيل كان باجتهاد منه، وقيل كان بأمر من الله تعالى له، قيل بقرآن وقيل بغيره أي وعلى أنه بقرآن يكون مما نسخت تلاوته: وقد قال أئمتنا: ونسخ قيام الليل بالصلوات الخمس إلى بيت المقدس كما تقدم، وكان صلى الله عليه وسلم إذا استقبل بيت المقدس يجعل الكعبة بينه وبينه، فيصلي بين الركن اليماني وركن الحجر الأسود، أي كما صلى به جبريل الركعتين أوّل البعث كما تقدم.

وحينئذ لا يخالف هذا قول بعضهم: لم يزل صلى الله عليه وسلم يستقبل الكعبة حتى خرج منها: أي من مكة: أي لم يستدبرها، فلما قدم صلى الله عليه وسلم المدينة استقبل بيت المقدس:

أي تمحض استقباله واستدبر الكعبة. وظاهر إطلاقهم أن هذا: أي استقباله بيت المقدس، وجعل الكعبة بينه وبينه كان شأنه صلى الله عليه وسلم غالبا، وإن صلى خارج المسجد بمكة ونواحيها.

والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك أدبا لا وجوبا، وإلا فقد جاء أن صلاة جبريل

<<  <  ج: ص:  >  >>