طالب في غير أيام منى، وهذا الشعب الذي عند الجمرة الوسطى كان ينزل فيه أبو طالب أيام منى فلا مخالفة، والله أعلم.
ثم أقام عندها ثلاثة أيام، وكانت تلك السنة عندهم إذا دخل الرجل على امرأته أي عند أهلها أي فهي وأهلها كانوا بشعب أبي طالب، ثم خرج من عندها، فأتى المرأة التي عرضت عليه ما عرضت، فقال لها: ما لك لا تعرضين علي اليوم ما عرضت بالأمس؟ فقالت له: فارقك النور الذي كان معك بالأمس فليس لي اليوم بك حاجة.
قال: وفي رواية أنه لما مر عليها بعد أن وقع على آمنة قال لها: ما لك لا تعرضين علي ما عرضت بالأمس؟ قالت: من أنت؟ قال: أنا فلان، قالت له: ما أنت هو، لقد رأيت بين عينيك نورا ما أراه الآن، ما صنعت بعدي؟ فأخبرها، فقالت: والله ما أنا بصاحبة ريبة، ولكن رأيت في وجهك نورا فأردت أن يكون فيّ، وأبى الله إلا أن يجعله حيث أراد، اذهب فأخبرها أنها حملت بخير أهل الأرض اهـ.
أقول: وفي رواية أن المرأة التي عرضت نفسها عليه هي ليلى العدوية، وأن عبد الله كان في بناء له وعليه الطين والغبار، وأنه قال: حتى أغسل ما علي وأرجع إليك، وأنه رجع إليها بعد أن وقع على آمنة وانتقل منه النور إليها، وقال لها: هل لك فيما قلت، قالت: لا، قال: ولم؟ قالت: لقد دخلت بنور وما خرجت به.
أي وفي سيرة ابن هشام مررت بي وبين عينيك غرة فدعوتك فأبيت ودخلت على آمنة فذهبت بها، ولئن كنت أي وحيث كنت ألممت بآمنة لتلدن ملكا.
ولا يخفى أن تعدد الواقعة ممكن، وأن هذا السياق يدل على أن هذه المرأة كان عندها علم بأن عبد الله تزوج آمنة، وأنه يريد الدخول بها، وأنها علمت أنه كائن نبي يكون له الملك والسلطان. وغير خاف أن عرض عبد الله نفسه على المرأة لم يكن لريبة، بل ليستبين الأمر الذي دعاها إلى بذل القدر الكثير من الإبل في مقابلة هذا الشيء على خلاف عادة النساء مع الرجال، ولا يخالف ذلك، بل يؤكده ما في الوفاء من قوله: ثم تذكر الخثعمية وجمالها وما عرضت عليه، فأقبل إليها الحديث، والله أعلم.
وعن الكلبي أنه قال: كتبت للنبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة أم: أي من قبل أمه وأبيه، فما وجدت فيهن سفاحا، والمراد بالسفاح الزنا: أي فإن المرأة كانت تسافح الرجل مدة ثم يتزوجها إن أراد ولا شيئا مما كان من أمر الجاهلية أي من نكاح الأم: أي زوجة الأب، لأنه كان في الجاهلية يباح إذا مات الرجل أن يخلفه على زوجته أكبر أولاده من غيرها. وفي كلام بعضهم: كان أقبح ما يصنعه أهل الجاهلية الجمع بين