الأختين، وكانوا يعيبون المتزوج بامرأة الأب ويسمونه الضيزن. والضيزن: الذي يزاحم أباه في امرأته. ويقال له نكاح المقت: وهو العقد على الرابة، وهي امرأة الأب، والراب: زوج الأم.
وما قيل إن هذا أي نكاح امرأة الأب وقع في نسبه صلى الله عليه وسلم لأن خزيمة أحد آبائه صلى الله عليه وسلم لما مات خلف على زوجته أكبر أولاده وهو كنانة فجاء منها بالنضر فهو قول ساقط غلط، لأن الذي خلف عليها كنانة بعد موت أبيه ماتت ولم تلد منه، ومنشأ الغلط أنه تزوج بعدها بنت أخيها، وكان اسمها موافقا لاسمها فجاء منها بالنضر.
وبهذا يعلم أن قول الإمام السهيلي نكاح زوجة الأب كان مباحا في الجاهلية بشرع متقدم ولم يكن من المحرمات التي انتهكوها ولا من العظائم التي ابتدعوها، لأنه أمر كان في عمود نسبه صلى الله عليه وسلم، فكنانة تزوج امرأة أبيه خزيمة، وهي برة بنت مرة فولدت له النضر بن كنانة.
وهاشم أيضا قد تزوج امرأة أبيه واقدة فولدت له ضغيفة، ولكن هذا خارج من عمود نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنها أي واقدة لم تلد جدا له صلى الله عليه وسلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم «أنا من نكاح لا من سفاح» ولذلك قال الله تعالى: وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ [النّساء: الآية ٢٢] أي إلا ما قد سلف من تحليل ذلك قبل الإسلام.
وفائدة هذا الاستثناء أن لا يعاب نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليعلم أنه لم يكن في أجداده صلى الله عليه وسلم من كان من بغية ولا من سفاح. ألا ترى أنه لم يقل في شيء نهى عنه في القرآن: أي مما لم يبح لهم إلا ما قد سلف نحو قوله تعالى وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى [الإسراء: الآية ٣٢] ولم يقل إلا ما قد سلف وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ [الأنعام: الآية ١٥١] ولم يقل إلا ما قد سلف، ولا في شيء من المعاصي التي نهى عنها إلا في هذه. وفي الجمع بين الأختين، لأن الجمع بين الأختين قد كان مباحا أيضا في شرع من كان قبلنا.
وقد جمع يعقوب عليه السلام بين راحيل وأختها ليا، فقوله إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ [النساء: الآية ٢٢] التفات هذا المعنى، هذا كلامه، فلا التفات إليه ولا معول عليه. على أن قوله إن يعقوب جمع بين الأختين ينازعه قول القاضي البيضاوي: إن يعقوب عليه السلام إنما تزوج ليا بعد موت أختها راحيل.
وفي أسباب النزول للواحدي أن في البخاري عن أسباط. قال المفسرون: كان أهل المدينة في الجاهلية وفي أول الإسلام إذا مات الرجل وله امرأة جاء ابنه من غيرها فألقى ثوبه على تلك المرأة وصار أحق بها من نفسها ومن غيرها، فإن شاء أن يتزوجها تزوجها من غير صداق إلا الصداق الذي أصدقها الميت، وإن شاء زوّجها غيره وأخذ صداقها ولم يعطها شيئا، وإن شاء عضلها وضارّها لتفتدي منه، فمات