للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدمت المدينة مع زوجها، فلا منافاة.

وفي كلام ابن الجوزي: أول من هاجر إلى المدينة من النساء أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، والله أعلم.

قال: بينت: أي أم سلمة ما تقدم عنها في حق عثمان بن طلحة بقولها: فإنه لما رآني قال: إلى أين؟ قلت: إلى زوجي، قال: أو ما معك أحد؟ قلت لا، ما معي إلا الله وابني هذا، فقال: والله لا أتركك، ثم أخذ بخطام البعير وسار معي، فكان إذا وصلنا المنزل أناخ بي ثم استأخر، فإذا نزلت جاء وأخذ بعيري فحط عنه ثم قيده في الشجرة، ثم أتى إلى شجرة فاضطجع تحتها، فإذا دنا الرواح قام إلى بعيري فرحله وقدمه ثم استأخر عني وقال اركبي، فإذا ركبت أخذ بخطامه فقادني اهـ.

أي وقد قال فقهاؤنا: من الصغائر مسافرة المرأة بغير زوج ولا محرم ولا امرأة ثقة في غير الهجرة وفرض الحج والعمرة؛ أما في ذلك فيجوز حيث أمنت الطريق.

وقولنا لا معهم لا ينافي أن أول من قدم المدينة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير، لأن قدومه كان معهم على ما تقدم أو يقال: أبو سلمة أول من قدم المدينة بوازع طبعه. وأما مصعب فكان بإرسال منه صلى الله عليه وسلم. ثم رأيت في السيرة الهشامية: أول من هاجر إلى المدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني مخزوم أبو سلمة، وعليه فلا إشكال. ثم جاء عمار وبلال وسعد.

وفي رواية: ثم قدم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرسالا بعد العقبة الثانية فنزلوا على الأنصار في دورهم فأووهم وواسوهم، ثم قدم المدينة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وعياش بن أبي ربيعة في عشرين راكبا. وكان هشام بن العاص واعد عمر بن الخطاب أن يهاجر معه وقال: تجدني أو أجدك عند محل كذا، فتفطن بهشام قومه فحبسوه عن الهجرة.

وعن عليّ رضي الله تعالى عنه قال: ما علمت أحدا من المهاجرين هاجر إلا مختفيا إلا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، فإنه لما همّ بالهجرة تقلد بسيفه وتنكب قوسه وانتضى في يديه أسهما واختصر عنزته: أي وهي الحربة الصغيرة علقها عند خاصرته ومضى قبل الكعبة والملأ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت سبعا، ثم أتى المقام فصلى ركعتين، ثم وقف على الحلق واحدة واحدة، فقال: شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس: أي الأنوف، من أراد أن تثكله أمه: أي تفقده، أو يوتم ولده، أو ترمل زوجته فيلقني وراء هذا الوادي، قال عليّ رضي الله تعالى عنه: فما تبعه أحد ثم مضى لوجهه. ثم إن أبا جهل وأخاه شقيقه الحارث بن هشام رضي الله تعالى عنه- فإنه أسلم بعد ذلك يوم الفتح- قدما المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>