قال: وجاء، أنه صلى الله عليه وسلم قال «لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات» أي وفي رواية «لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الحسيبة إلى الأرحام الطاهرة» .
وروى البخاري «بعثت من خير قورن بني آدم قرنا فقرنا حتى كنت في القرن الذي كنت فيه» وقد تقدم في قوله تعالى وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (٢١٩)[الشّعراء: الآية ٢١٩] قيل من ساجد إلى ساجد، وتقدم ما فيه، ومن جملته قول أبي حيان إن ذلك استدل به بعض الرافضة على أن آباء النبي صلى الله عليه وسلم كانوا مؤمنين أي متمسكين بشرائع أنبيائهم.
ثم رأيت الحافظ السيوطي قال: الذي تلخص أن أجداده صلى الله عليه وسلم من آدم إلى مرة بن كعب مصرح بإيمانهم: أي في الأحاديث وأقوال السلف، وبقي بين مرة وعبد المطلب أربعة أجداد لم أظفر فيهم بنقل، وعبد المطلب سيأتي الكلام فيه.
وقد ذكر في عبد المطلب ثلاثة أقوال:
أحدها وهو الأشبه أنه لم تبلغه الدعوة: أي لأنه سيأتي أنه مات وسنه صلى الله عليه وسلم ثمان سنين.
والثاني أنه كان على ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام: أي لم يعبد الأصنام.
والثالث أن الله تعالى أحياه له بعد البعثة حتى آمن به ثم مات، وهذا أضعف الأقوال وأوهاها، لم يرد قط في حديث ضعيف ولا غيره، ولم يقل به أحد من أئمة السنة وإنما حكي عن بعض الشيعة.
قال بعضهم: وقوله صلى الله عليه وسلم «من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات» دليل على أن آباء النبي صلى الله عليه وسلم وأمهاته إلى آدم وحواء ليس فيهم كافر، لأن الكافر لا يوصف بأنه طاهر. وفيه أن الطاهرية فيه يجوز أن يكون المراد بها ما قابل أنكحة الجاهلية المتقدمة. وقد أشار إلى إسلام آبائه وأمهاته صاحب الهمزية بقوله:
لم تزل في ضمائر الكون تختا ... ر لك الأمهات والآباء
أي لأن الكافر لا يقال إنه مختار لله.
والسبب الذي دعا عبد المطلب لاختيار بني زهرة ما حدّث به ولده العباس رضي الله تعالى عنه قال: قال عبد المطلب: قدمنا اليمن في رحلة الشتاء، فنزلنا على حبر من اليهود يقرأ الزبور: أي الكتاب، ولعل المراد به التوراة فقال: من الرجل؟ قلت: من قريش، قال من أيهم؟ قلت من بني هاشم قال: أتأذن لي أن أنظر بعضك؟ قلت نعم ما لم يكن عورة، قال: ففتح إحدى منخريّ فنظر فيه ثم نظر في الأخرى فقال: أنا أشهد أن في إحدى يديك وهو مراد الأصل بقوله في منخريك ملكا وفي الأخرى نبوة، وإنما نجد ذلك: أي كلا من الملك والنبوة في بني زهرة،