للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذا فدميت أصبعه فذكر البيت المذكور» وأراد بالغار غارا من الغيران لا هذا الغار كما توهم.

وجاء في الصحيحين عن جندب بن عبد الله «بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أصابه حجر فدميت أصبعه، فقال: هل أنت إلا إصبع دميت» .... البيت.

«أي ويقال إنه صلى الله عليه وسلم دعا تلك الشجرة وكانت أمام الغار فأقبلت حتى وقفت على باب الغار وأنها كانت مثل قامة الإنسان وبعث الله العنكبوت فنسجت ما بين فروعها» أي نسجا متراكما بعضه على بعض أي كنسج أربع سنين كما قال بعضهم.

وقد نسج العنكبوت أيضا على عبد الله بن أنيس رضي الله تعالى عنه لما قتل سفيان بن خالد وقطع رأسه وأخذها ودخل في غار في الجبل وكنّ فيه حتى انقطع عنه الطلب كما سيأتي. ونسج على نبي الله داود لما طلبه طالوت. ونسج أيضا على عورة سيدنا زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم، وهو أخو الإمام محمد الباقر وعم الإمام جعفر الصادق، وهو الذي ينسب إليه الزيدية كان إماما مجتهدا، وكان ممن أخذ عن واصل بن عطاء الآخر عن الحسن البصري.

ولما أثبت ابن عطاء المنزلة بين المنزلتين أمره الحسن البصري باعتزال مجلسه، فقيل له معتزلي، وصار يقال لأصحابه معتزلة.

ولا يلزم من كون شيخ سيدنا زيد معتزليا أن يسلك زيد مسلكه. وصلب سيدنا زيد عريانا، وأقام مصلوبا أربع سنين، وقيل خمس سنين فلم تر عورته، وقيل إن بطنه الشريف ارتخى على عورته فغطاها. ولا مانع من وجود الأمرين. وكان عند صلبه وجهوه إلى غير القبلة فدارت خشبته التي صلب عليها إلى أن صار وجهه إلى القبلة، أي وقد وقع لخبيب نحو ذلك كما سيأتي، ثم أحرقوا خشبة زيد وجسده وذري رماده في الرياح على شاطىء الفرات، فإنه خرج على هشام بن عبد الملك وقد سمت نفسه للخلافة، فحاربه يوسف بن عمر الثقفي أمير العراقين من قبل هشام بن عبد الملك، فانهزم أصحاب زيد عنه بعد أن خذله وانصرف عنه أكثرهم.

فقد بايعه ناس كثير من أهل الكوفة وطلبوا منه أن يتبرأ من الشيخين أبي بكر وعمر لينصروه، فقال: كلا، بل أتولاهما، فقالوا اذن نرفضك، فقال: اذهبوا فأنتم الرافضة، فسموا بذلك من حينئذ رافضة. وجاءت إليه طائفة وقالوا: نحن نتولاهما ونبرأ ممن يبرأ منهما وقاتلوا معه فسموا الزيدية.

أقول: والعجب ممن يتمذهب بمذهب سيدنا زيد، ويتبرأ من الشيخين

<<  <  ج: ص:  >  >>